الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [هل للأمر بكونه أمرا صفة يتميز بها أو لا؟]:

صفحة 468 - الجزء 1

  افعل أو نحوه» جنس. ونحو «افعل» لتفعل، وألزمتك، ونزال، ونحو ذلك. وقد يأتي بلفظ الخبر، كقوله ÷: «اتقى عبدٌ ربه نصح نفسه⁣(⁣١)»، كما يأتي الخبر بلفظه، كقوله ÷: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، أي: صنعت. وقوله: «على جهة الاستعلاء» ليخرج ما على جهة التسفُّل، وهو الدعاء ونحوه، وما على جهة التساوي، وهو الالتماس⁣(⁣٢). وقولنا: «مريداً لما تناولته» ليخرج التهديد، نحو قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}⁣[فصلت ٤٠].

مسألة: [هل للأمر بكونه أمراً صفة يتميز بها أو لا؟]:

  والأمر له بكونه أمراً صفة⁣(⁣٣) زائدة على مجرد حروفه يتميز بها عن غيره من التهديد والإباحة والأمر الصادر من الساهي والنائم.

  والصفة هي كونه طلباً؛ إذ لا يكفي مجرد الحروف في امتيازه عنها، لاستوائها⁣(⁣٤) فيه وفي التهديد؛ فإن قول السيد لعبده: «افعل كذا» يحتمل الأمر بذلك والتهديد عليه، وكذا سائرها. وقال أبو الحسين وغيره: لا صفة له، بل يتميز بإرادة المأمور به؛ لأن المتهدد - مثلاً - لا يريد ما تناولته⁣(⁣٥).

  قلنا: المريد للمأمور به إن أراده قبل أن تتناوله صيغة الأمر لم يتميز بها عن التهديد ونحوه⁣(⁣٦)؛ إذ الأمر والإرادة لا علقة حينئذٍ بينهما؛ لأن الإرادة معه⁣(⁣٧) ومع التهديد قبل وجودهما⁣(⁣٨) على سواء، ولا وجه يقتضي اختصاصها بأيهما


(١) أي: ليتق، ومثله قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ}⁣[البقرة ٢٣٣]، أي: ليرضعن.

(٢) وهو طلبك لمن يساويك رتبة، كقولك لزميلك: اعطني القلم.

(٣) «صفة» مصدر تعلق به قوله: «بكونه» والتقدير والأمر له وصف بكونه أمراً. هامش شرح الغاية بتصرف ١/ ١٢١.

(٤) أي: مجرد الحروف.

(٥) أي: الصيغة، بخلاف الآمر.

(٦) الإباحة والأمر الصادر من النائم أو الساهي. مفتاح السعادة ٢/ ٢٥٦٦.

(٧) أي: مع الأمر.

(٨) أي: الأمر والتهديد.