مسألة: [هل للأمر بكونه أمرا صفة يتميز بها أو لا؟]:
  افعل أو نحوه» جنس. ونحو «افعل» لتفعل، وألزمتك، ونزال، ونحو ذلك. وقد يأتي بلفظ الخبر، كقوله ÷: «اتقى عبدٌ ربه نصح نفسه(١)»، كما يأتي الخبر بلفظه، كقوله ÷: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، أي: صنعت. وقوله: «على جهة الاستعلاء» ليخرج ما على جهة التسفُّل، وهو الدعاء ونحوه، وما على جهة التساوي، وهو الالتماس(٢). وقولنا: «مريداً لما تناولته» ليخرج التهديد، نحو قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت ٤٠].
مسألة: [هل للأمر بكونه أمراً صفة يتميز بها أو لا؟]:
  والأمر له بكونه أمراً صفة(٣) زائدة على مجرد حروفه يتميز بها عن غيره من التهديد والإباحة والأمر الصادر من الساهي والنائم.
  والصفة هي كونه طلباً؛ إذ لا يكفي مجرد الحروف في امتيازه عنها، لاستوائها(٤) فيه وفي التهديد؛ فإن قول السيد لعبده: «افعل كذا» يحتمل الأمر بذلك والتهديد عليه، وكذا سائرها. وقال أبو الحسين وغيره: لا صفة له، بل يتميز بإرادة المأمور به؛ لأن المتهدد - مثلاً - لا يريد ما تناولته(٥).
  قلنا: المريد للمأمور به إن أراده قبل أن تتناوله صيغة الأمر لم يتميز بها عن التهديد ونحوه(٦)؛ إذ الأمر والإرادة لا علقة حينئذٍ بينهما؛ لأن الإرادة معه(٧) ومع التهديد قبل وجودهما(٨) على سواء، ولا وجه يقتضي اختصاصها بأيهما
(١) أي: ليتق، ومثله قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ}[البقرة ٢٣٣]، أي: ليرضعن.
(٢) وهو طلبك لمن يساويك رتبة، كقولك لزميلك: اعطني القلم.
(٣) «صفة» مصدر تعلق به قوله: «بكونه» والتقدير والأمر له وصف بكونه أمراً. هامش شرح الغاية بتصرف ١/ ١٢١.
(٤) أي: مجرد الحروف.
(٥) أي: الصيغة، بخلاف الآمر.
(٦) الإباحة والأمر الصادر من النائم أو الساهي. مفتاح السعادة ٢/ ٢٥٦٦.
(٧) أي: مع الأمر.
(٨) أي: الأمر والتهديد.