مسألة: [ما يتميز به المجاز من الحقيقة:]
مسألة: [ما يتميز به المجاز من الحقيقة:]
  (ويتميز المجاز من الحقيقة) إما بالنص أو بالدلالة، أما النص فكقول أئمة اللغة: هذا حقيقة وهذا مجاز، وهذا إن استعمل في كذا فقد استعمل فيما وضع له، وإن استعمل في كذا فقد استعمل في غير ما وضع له. أو يقولون: هذا مما يطرد في معناه، عند من يجعل ذلك علامة للحقيقة.
  وأما الدلالة فيعرف كون اللفظ مجازاً (بعدم اطراده(١)) في مدلوله، وقد قيل: الصحيح أن عدم الاطراد دليل على المجاز، ولا عكس(٢)؛ إذ المجاز قد يطّرد، كاطراد قولهم: «دليل» في مُعَرِّف الطريق عند من يجعل حقيقته فاعل الدلالة.
  (و) يعرف كونه مجازاً بظهور (صدق نفيه) كقولهم للبليد: ليس بحمار. وقد قيل: يلزم الدور في جعل ذلك مُميِّزاً؛ لأن صحة السلب تتوقف(٣) على معرفة المجاز، فلو وقف المجاز على معرفة صحة السلب دار (وغير ذلك) كتعليقه بما يستحيل تعلّقه به في العقل(٤) والشرع، وسبق غيره إلى الفهم لولا القرينة. وقد فصل(٥) بصحة الاشتقاق والجمع في الحقيقة دون المجاز،
(١) بأن يستعمل اللفظ لوجود معنى في محل، ولا يجوز استعماله في محل آخر مع وجود ذلك المعنى فيه، كالنخلة تطلق على الإنسان لطوله، ولا تطلق على طويل آخر غير الإنسان. شفاء غليل السائل.
(٢) أي: لا يكون اطراد اللفظ في نظائره علامة الحقيقة؛ فإن المجاز قد يكون مطرداً في جميع النظائر. ويمكن أن يكون المراد من قوله «ولا عكس»: أنه لا عكس لهذه العلامة، على معنى لا يلزم من وجود المجاز عدم الاطراد فتكون هذه العلامة غير منعكسة. هامش كاشف لقمان.
(٣) في (ج): «يتوقف».
(٤) وذلك كاليد والوجه إذا عُلّقا بالله ø في نحو قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}[الرحمن ٢٧]، وقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائد ٦٤]، فإن معنى اللفظ الحقيقي مستحيل تعلقه به؛ لاستلزامه التجسيم، فتعين كون ذلك مجازاً، وكذلك قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}، فإن تعلق معنى اللفظ بالقرية مستحيل، فتعين كون ذلك مجازاً.
(٥) أي: بين الحقيقة والمجاز.