الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [طرق العلة]:

صفحة 325 - الجزء 1

  واعلم أن صاحب الفصول جعل ما دخلت فيه فاء التعقيب والتسبيب من تنبيه النص؛ جرياً على ما اختاره الأصحاب، قال الإمام الحسن #: ولا مشاحّة في ذلك؛ إذ من جهة كون الفاء للترتيب بالوضع، وإن الشرطية في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا}⁣[البقرة ٢٨٢] لسببية الشرط بالوضع - اختير عَدُّهُ من مراتب النص، ولاحتياج ثبوت العلة⁣(⁣١) فيها إلى النظر والاستدلال جعلت دلالتها استدلالية، لا وضعية صرفة. وقول المُصَنِّف: (أو بأنه) من المرتبة الثانية⁣(⁣٢) كما ذكرنا (أو نحو ذلك)⁣(⁣٣) مما قد ذكرنا في معرض التقسيم.

فرع: [هل النص على العلة تعبد بالقياس عليها]:

  واختلف الناس في النص على العلة هل هو تعبد بالقياس عليها على قولين: فذهب أئمتنا $ والجمهور إلى أن النص على علة الحكم لا يقتضي تعدي حكم الأصل إلى كل موضع وُجدت فيه العلة، بل يقصر الحكم على محل النص والعلة قبل ورود التعبد بالقياس، وإلى هذا ذهب أبوعبدالله وقاضي القضاة، إلا أن أبا عبدالله خصَّ بذلك ما لم يكن من العلل علة في التحريم. ثم اختلفوا، فقال القاضي: إذا ورد التعبد بالقياس كفى ذلك في جواز القياس على العلة المنصوص عليها، وقال أبوعبدالله: لا بد مع ذلك من دلالة على القياس على تلك العلة المعينة.

  وذهب أبو هاشم، والكرخي، وأبو الحسين، والنَّظَّام، والشيخ الحسن، وهو ظاهر قول الفقهاء، وقول بعض أهل الظاهر منهم القاساني والنهرواني إلى أن النص على العلة يقضي بأن كل موضع وجدت فيه العلة يكون له ذلك ...


(١) في (ج): «العلِّيِّة».

(٢) أي: مما هو ظاهر في العلية.

(٣) وهو ما أتي فيه بالحروف المفيدة للعلية، نحو: «إنها ليست بسبع»، ونحو: «في» في قوله: «إن امرأة دخلت النار في هرة». كاشف لقمان.