الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الاعتراضات]

صفحة 374 - الجزء 1

  من وجه واحد، وأما إن اختلف الوجهان فلا؛ لأن الوصف قد يكون له جهتان يناسب بإحداهما الحكم، وبالأخرى نقيضه، مثاله: قَتْل العمد يناسب وجوب الكفارة من حيث إنه تثقيل عليه في الدنيا، وعدمه⁣(⁣١) من حيث إنه تخفيف عليه في الآخرة. وقد تلخص مما ذكرنا: أن ثبوت النقيض مع الوصف نَقْضٌ، فإن زِيْدَ ثبوته به ففساد الوضع، وإن زِيْدَ كونه بأصل المستدل فقلب، وبدون ثبوته معه: فالمناسبة من جهة واحدة قَدْح فيها، ومن جهتين لا يعتبر.

[ما يرد من الاعتراضات على المقدمة الأولى]

[الرابع: منع حكم الأصل]

  (الرابع) والخامس من الاعتراضات: مَنْعُ حكم الأصل، والتقسيم، ويجمعهما جهة، وهي أنهما يُوردان على المقدمة الأولى⁣(⁣٢) من القياس، وهو⁣(⁣٣) دعوى وجود حكم الأصل، ولا مجال للمعارضة فيه⁣(⁣٤)؛ لأنه غَصْبٌ لمنصب الاستدلال، فينقلب المستدل معترضاً والمعترض مستدلاً في نفس صورة المناظرة، وذلك مما منعوه؛ ضمّاً لنشر الجدال؛ أو لئلا يفوت المقصود من المناظرة، فتعين المنع، وذلك إما ابتداء، أو بعد تقسيم، ويسمى - حينئذٍ - تقسيماً، فهذان نوعان: الأول: (مَنْعُ) ثبوت (حكم الأصل) مطلقاً⁣(⁣٥) (مثاله أن يقول المستدل: جلد الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة، كالكلب. فيقول المعترض: لا نُسلَّم أن جلد الكلب لا يقبل الدباغ) أو لِمَ قلت: إنه لا يقبل الدباغ؟ إذ حاصل المنع والمطالبة بالدليل واحد.


(١) أي: ويناسب عدم وجوب الكفارة.

(٢) مقدمات القياس أربع، وهي: دعوى حكم الأصل، وكون الحكم في الأصل معلل بوصف كذا، ودعوى وجود العلة في الفرع، وقول المستدل فيوجد الحكم في الفرع. هامش (أ).

(٣) هكذا في (أ) و (ب) و (ج)، ولعل الصواب: هي.

(٤) عند من قال: إنه غير مسموع. هامش (ب).

(٥) أي: من غير تقسيم. هامش (ب).