الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[نسخ المتواتر بالآحادي:]

صفحة 585 - الجزء 1

  فإنه أخّر القياس على النص، وصوّبه ÷. وقال ابن الحاجب - ورجحه الإمام الحسن # -: إن الأولى التفصيل، وهو أن يقال: القياس قسمان: قطعي وظني، فالقطعي: ينسخ القطعي في حياته ÷ كما مر تقريره.

  والظني: لا يكون ناسخاً؛ لأن ما قبله إن كان قطعياً لم يجز نسخه به؛ لأن نسخ المقطوع بالمظنون لا يجوز، كما سيجيء، وإن كان ظنيًّا تبيَّن زوال شرط العمل بذلك الظني⁣(⁣١) المتقدم على القياس الظني، وذلك الشرط هو رجحان ذلك الظني، بألّا يظهر له معارض راجح أو مساوٍ؛ إذ بمجرد المعارض المساوي تبطل⁣(⁣٢) ظنيته⁣(⁣٣)، فكيف بالراجح! والقياس الظني راجح؛ لأنا فرضناه ناسخاً، فيبطل وجوب العمل بالمتقدم؛ لانتفاء شرطه، فلا يكون القياس ناسخاً له.

[نسخ المتواتر بالآحادي:]

  مسألة: (و) لا يصح أن ينسخ (متواتر) قطعي (بآحادي) ظني، فلا يجوز أن⁣(⁣٤) ننسخ القرآن بالآحادي من السنة، ولا المتواتر منها بالآحادي، خلافاً للظاهرية.

  لنا: إجماع الصحابة على رد ما خالف القرآن من الآحاد، كقول عمر في خبر فاطمة بنت قيس أنه ÷ لم يجعل لها سكنى ولا نفقة؛ لمّا دل على خلاف قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}⁣[الطلاق ٦]: كيف نترك كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت؟ ولم يُنكر عليه.

  نعم، وقد فهم من العبارة أن نسخ الآحاد بالآحاد من السنة صحيح،


(١) في (أ): «الظن».

(٢) في (ج): «يبطل».

(٣) عبارة القسطاس: يبطل ظنيّه.

(٤) في (ج): «فلا يجوز نسخ».