[الخلاف في إمكان الحقيقة الشرعية]
  قلت: وهم(١) يجعلون الدينية داخلة تحت الشرعية، ويقولون: إن نَقَلها الشارع إلى أصول الدين فحقيقة دينية، وإن نَقَلها إلى فروعه فحقيقة فرعية.
[الخلاف في إمكان الحقيقة الشرعية]:
  نعم، وقد اختلف في إمكان الشرعية، فذهب الأكثر أنها ممكنة، خلافاً لعبّاد؛ بناء منه على أن اللفظ اللغوي مفيدٌ لمعناه لذاته، وإلا لكان تخصيص هذا المعنى بذا(٢) اللفظ من غير مخصص، والتخصيص بدون مخصص محال، فلا يصح نقله عنه.
  قلنا: لا شك في صحة وضع اللفظ للشيء وضده، وأنه قد وقع، كالجون(٣) والقرء، ولو كانت الدلالة لمناسبة ذاتية لما كان كذلك، فإن ما بالذات لا يختلف. ولا يلزم ما ذكروه؛ إذ المخصص إرادة الواضع المختار، كتخصيص الأعلام بالأشخاص، وأيضاً فإنه قد وقع النقل كما سيأتي، وإنه دليل الإمكان.
[الخلاف في وقوع الحقيقة الشرعية]:
  ثم اختلف المتفقون في الإمكان في الوقوع، فعند أئمتنا $ والمعتزلة وجمهور الفقهاء أنها واقعة بالنقل عن معانيها اللغوية إلى معانٍ مخترعة شرعية. وقال الباقلاني وبعض المرجئة: لم يقع مطلقاً، بل هي باقية على حقائقها اللغوية لم تنقل عنها. وقال الشيرازي(٤)، وابن الحاجب، والسبكي: الفرعية واقعة، لا الدينية.
(١) أي: أهل هذا الفن. هامش (أ).
(٢) في (ج): «بذلك».
(٣) فإنه اسم لضدين وهما السواد والبياض في لغة العرب، ومثله القرء: فإنه للطهر والحيض، ومثلهما الشفق للحمرة والبياض.
(٤) هو أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي، وكان أشعري العقيدة، (ت ٤٧٦ هـ).