الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه:

صفحة 473 - الجزء 1

تنبيه:

  قالت العدلية: وإيقاع الامر يجب تقديمه على الوقت المطلوب فيه الفعل من المكلف بوقت يمكن فيه معرفة ما تضمنه؛ لأن المكلف مهما لم يعرف ذلك لم يمكن امتثاله. وقد قدّر بعض العلماء أقل ما يجب من التقديم أربعة أوقات: وقت يسمع فيه الخطاب، ووقت ينظر في حكمه، ووقت يحصل فيه العلم أو الظن⁣(⁣١)، والوقت الرابع يأخذ فيه في الفعل.

  وقالت النجارية⁣(⁣٢): بل يجب أن يقارن وجود الأمر وجود الفعل المطلوب، كالقدرة عندهم، فإنها مقارنة للمقدور لما كانت تؤثر فيه، فكذلك الأمر.

  قالوا: والأمر المتقدم على وقت الفعل ليس بأمر على الحقيقة، وإن وجب تقديمه إعلاماً للمكلف بصفة ما سيجب عليه.

  قلنا: لا نسلم أن القدرة مقارنة لمقدورها، على ما ذلك مقرر في علم الكلام، سلمنا، لكن المكلف لا بد أن يعلم ما تناوله الأمر قبل وقت الفعل؛ ليمتثل ما أُمر به، وإلا كان تكليفاً بما لا يعلم، وهو قبيح مستحيل قطعاً وإجماعاً.

فرع:

  قالت البصرية: ويجوز تقديمه بأكثر من المحتاج إليه. وقالت البغدادية: لا يجوز؛ إذ لا فائدة فيه.

  قلنا: بل فائدته توطين النفس على الامتثال، والمكلف يثاب على العزم كما يثاب على الفعل.


(١) أي: بكونه واجباً أو ندباً. مرقاة السيد داود.

(٢) النّجارية: فرقة تنسب إلى أبي الحسين بن محمد النجار، وافقوا المجبرة في خلق الأفعال، ووافقوا المعتزلة في الصفات ونفي الرؤية. التعريفات للجرجاني.