[4 - التخفيف]
  لنا: جوازُ انقضاء المصلحة(١) ولا بدل(٢) لها معلومٌ قطعاً؛ إذ لا مانع.
  وأيضاً فقد وقع، كنسخ وجوب الإمساك بعد الفطر؛ لأن الرجل كان إذا أمسى جاز له الأكل و الشرب والجماع إلى أن يصلي العشاء الآخرة، فإذا صلاها أو رقد ولم يفطر حَرُم عليه الطعام والشراب والنساء إلى القابلة، ثم نسخ بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ..} الآية [البقرة ١٨٧] من غير بدل.
  ومن ذلك: أنه نهى ÷ عن ادّخار لحوم الأضاحي، ثم أباحه بلا بدل. ومنه قوله تعالى: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}[المجادلة ١٢]، أوجب الصدقة عند مناجاة الرسول ÷، ثم نُسِخ بلا بدل.
  وأما قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}[البقرة ١٠٦] فليس بحجة للخصم؛ لأن المراد نأت بلفظ خير منها في الفصاحة والبلاغة، لا بحكم خير من حكمها، والخلاف إنما هو في الحكم، ولا دلالة عليه في الآية، سلّمنا، فعامّ خصص بما نسخ إلى غير بدل، سلّمنا بقاء العموم، فلعل النسخ إلى غير بدل خيرٌ للمكلف؛ لمصلحة لا نعلمها.
[٤ - التخفيف]:
  مسألة: (و) لا يشترط عند أئمتنا $ والجمهور التخفيف، فيجوز نسخ (الأخف بالأشق، كالعكس) والمساوي، نحو: استقبال مكة، فلا يمتنع كون المصلحة بالأشق فيرد التكليف به، كما إذا عَلِمَ تغير المصلحة في الأشق نقلنا إلى الأخف، والمساوي إلى مثله.
  وقال داود وأصحابه ورواية عن الشافعي: لا يجوز نسخ الأخف بالأشق؛ لأنه أبعد في(٣) المصلحة.
(١) في التعبد بالحكم. مرقاة الوصول للسيد داود.
(٢) أي: من غير أن يكون لتلك المصلحة المنسوخة بدل. المصدر السابق.
(٣) في (ب) و (د): «من».