الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الخامس: الاستدلال]

صفحة 405 - الجزء 1

  الباب الثاني: الأدلة الشرعية

[الدليل الخامس: الاستدلال]

  (فصل: و) إذا قد عرفت تحقيق الأدلة الأربعة، من الكتاب، والسنة، والإجماع والقياس - فاعلم أن (بعض العلماء يذكر دليلاً خامساً، وهو الاستدلال) قال⁣(⁣١): وهو آخر الأدلة الشرعية. وهو في اللغة: طلب الدليل، وفي العرف: يطلق على إقامة الدليل مطلقاً: من نص أو إجماع أو غيرهما، وعلى نوع خاص منه، وهو المقصود هاهنا، وهو ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس. وهذا النوع هو الذي يسميه⁣(⁣٢) أصحابنا الاجتهاد بالمعنى الأخص، ويذكرونه في باب قسيمه، وهو الاجتهاد مقابل التقليد، ويقال له - أيضاً - عندهم: المصالح المرسلة⁣(⁣٣)، وقد تقدمت.

  قال بعض المحققين من أصحابنا: يدل على اعتبارها أن الذي دل على العمل بالقياس في الأحكام الشرعية هو ما تقرّر من وجوب تَتبُّع مقاصد الشرع، وأغراض الشارع، وملاحظة مراده فعلاً وكفاً، وإذا أمكن قيام أمارة فيما ليس له أصل معين مطابقة لمراد الشارع عُوِّل عليها، كما عُوِّل على ذلك في القياس الذي له أصل معين، فجريا مجرى واحداً، والجامع بينهما هو تغليب الظن بتعليق غرض الحكيم بوجه أو أمارة.

  ويدل على ذلك: خبر معاذ، وهو قوله: «اجتهد رأيي»، وأقرّه ÷ على ذلك، والرأي يشمل ما له أصل معين، وما ليس كذلك. ويدل على ذلك:


(١) أي: البعض.

(٢) في (أ): «تسميه».

(٣) وسميت مصالح لأن الظن قد غلب بأن الحكم بها يطابق مقصودات الشارع، ومصلحة المكلفين، وسميت مرسلة من حيث إن نصوص الشرع لم تتناولها، ولا ردت إلى أصل معين يستفاد حكمها من الرد إلى ذلك الأصل. قسطاس.