[الاعتراضات]
  بالقبول من المعارضة المحضة؛ لأنه أبعد من الانتقال؛ فإن قَصْد هدم دليل المستدل بأدائه إلى التناقض ظاهر فيه، ولأنه مانع للمستدل من الترجيح(١)؛ لأن الترجيح إنما يتصور بين شيئين، وهاهنا الدليل واحد(٢).
[الثالث والعشرون: القول بالموجب]
  وأما ما يرد على قولهم بعد إثبات الحكم في الفرع: وذلك هو المطلوب، فيمنعه المعترض ويقول: لا نسلم، بل النزاع بعدُ باقٍ - فهو اعتراض واحد، وهو (الثالث والعشرون) من الاعتراضات، ويسمى: (القول بالموجَب(٣)) ولا يختص بالقياس، بل يجيء في كل دليل (وحاصله: تسليم مدلول الدليل مع بقاء النزاع) وذلك دعوى نصب الدليل في غير محل النزاع، ويقع على وجوه ثلاثة:
  الأول: أن يستنتج المستدل من الدليل ما يتوهم أنه محل النزاع، أو ملازمه، ولا يكون كذلك (ومن أمثلته) يعني: القول بالموجب، أشار بذلك إلى الوجوه الثلاثة كما هي عادته في الاعتراضات، وهذا المثال هو مثال الوجه الأول، وهو (أن يقول الشافعي في القتل بالمثقّل: قتلٌ بما يَقْتُلُ غالباً فلا ينافي القصاص، كالقتل بالخارق، فيرد القول بالموجب، فيقول المعترض: سلمنا عدم المنافاه بين القتل بالمثقل وبين القصاص، ولكنه ليس محل النزاع؛ لأن محل النزاع هو وجوب القصاص) لاعدم المنافاة للقصاص، ولا يقتضي
(١) أي: ترجيح دليله.
(٢) أي: دليل مذهب المستدل ودليل مذهب المعترض.
(*) قد اعترض على هذا صاحب الفواصل فقال ما معناه: وأما ما قيل من أنه يمتنع الترجيح من جانب المستدل في القلب؛ لأنه إنما يتصور بين شيئين، وهنا الدليل واحد - فسهوٌ ظاهر؛ لأنه وإن كان الدليل واحداً فقد تفرع عليه قياسان كل منهما يقتضي نقيض الآخر، فيأتي الترجيح بين القياسين، كأن يكون قياس المستدل موافقاً للبراءة الأصلية، أو للأصول المقررة، إلى غير ذلك من وجوه الترجيح بين القياسين.
(٣) بفتح الجيم أي: بما أوجبه دليل المستدل واقتضاه، وأما الموجِب بكسر الجيم فهو الدليل. شفاء غليل السائل ١/ ٢٥٠ ط/ «مكتبة أهل البيت $».