[الاعتراضات]
[الخامس: التقسيم]
  الثاني من النوعين (و) هو (الخامس) من الاعتراضات: (التقسيم، وحقيقته: أن يكون اللفظ متردداً بين أمرين أحدهما ممنوع(١)) فيمنعه، إما مع السكوت عن الآخر لأنه لا يضره، أو مع التعرض لتسليمه لأنه لا يضره أيضاً. وهذا السؤال لا يختص بحكم الأصل، بل كما(٢) يجري فيه يجري في جميع المقدمات التي تقبل المنع. وقد منع قوم من قبول هذا السؤال؛ لأن إبطال أحد مُحتملي كلام المستدل لا يكون إبطالاً لكلام المستدل؛ إذ لعل ذلك المحتمل غير مراد المستدل. والمختار: قبوله؛ إذ بإبطال أحد مُحتملي كلامه يتعين مراد المستدل، وربما لا يتيسر للمستدل تتميم دليله بسبب إبطال أحد محتملي كلامه، فله مدخل في هدمِ الدليل والتضييقِ على المستدل. وللقبول شرطٌ، وهو أن يكون منعاً لما يلزم المستدل بيانه (مثاله أن يقال في الصحيح الحاضر إذا فقد الماء: وجد سبب جواز التيمم، وهو تعذر الماء، فيجوز التيمم. فيقول المعترض: أتريد إن تعذر الماء مطلقاً سببٌ لجواز التيمم، أم تعذره في السفر، أو المرض؟ فالأول ممنوع) وحاصله: أنه مَنْعٌ بعد تقسيم، فيأتي فيه ما تقدم في صريح المنع: من كونه مقبولاً وقطعاً (و) كيفية الجواب عنه؛ إذ (جوابه بإقامة الدليل) على إثبات الممنوع حيث يكون دالاً (على الإطلاق). وأما إذ كان المنع لما لا يلزم المستدل بيانه فإنه لا يقبل، نحو أن يقول المستدل في مسألة الملتجئ إلى الحرم: القتل العمد العدوان سببٌ للقصاص، فيقول المعترض: متى هو سبب، أَمَعَ مانع الالتجاء إلى الحرم أم بدونه؟ الأول ممنوع. وإنما لم يقبل لأن حاصله: أن الالتجاء إلى الحرم مانع من القصاص، فكان مطالبة ببيان عدم كونه مانعاً،
(١) والآخر مسلم؛ إذ لا وجه للتردد مع التساوي؛ لوجوب حمله على الأظهر. هامش (أ).
(٢) في الأصل: «بل كلما» وما أثبتناه من القسطاس.