الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [الخلاف في المقدم من الخبر والقياس إذا تعارضا]:

صفحة 180 - الجزء 1

  في الفرع - فالقياس أولى، لا ظنًّا فالوقف⁣(⁣١)، وإلا⁣(⁣٢) فالخبر، وتوقّف الباقلاني.

  والحجة لنا على أن الخبر أولى من وجوه:

  الوجه الأول: إجماع الصحابة على تقديم الخبر على القياس، فإنهم كانوا إذا عرضت لهم حادثة حاولوا الاجتهادَ فيها، والنظرَ فيما تُردُّ إليه من الأصول، حتى يروي بعضهم فيها خبراً فيترك التعويل على ما سوى ذلك الخبر، ألا ترى أن عمر ترك القياس في دية الجنين حين رُوي له⁣(⁣٣) فيه الخبر، وقال: لولا⁣(⁣٤) هذا لقضينا فيه برأينا.

  قال الإمام المهدي #: وهذا نص صريح من عمر بأن الخبر أولى من القياس. وكذا تَرَكَ عمر رأيه في المفاضلة بين الأصابع في الدية لأجل كتاب عمرو بن حَزْم، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده، كتوريث الزوجة من دية زوجها⁣(⁣٥)، فإنهم تركوا القياس، وشاع فيهم ولم يُنكره أحد⁣(⁣٦). فأما مخالفةُ⁣(⁣٧) ابن عباس خبر أبي هريرة (توضؤوا مما مَسّتْهُ النار) فاستبعادٌ له؛ لظهور خلافه في العموم، حتى قال ابن عباس: نحن نتوضأ بالحميم، فكيف نتوضأ مما عنه⁣(⁣٨) نتوضأ؟. وكذلك قال هو وعائشة في خبر الاستيقاظ - وهو: «إذا استيقظ أحدكم فلا يغمس يده في الإناء؛ فإنه لا يدري أين باتت


(١) يعني إذا كان وجودها في الفرع ظناً فالوقف في أيهما الراجح. دراري.

(٢) أي: وإن لم تثبت العلة بنص راجح فالخبر أولى.

(٣) سقط من (ب) «له».

(٤) قال في القسطاس: «لولا» لانتفاء الشيء لثبوت غيره، فدل على أن انتفاء العمل بالقياس لثبوت الخبر.

(٥) وكان يرى أنها للعصبة؛ لأن الزوج لم يملكها، فلا تورث الزوجة منها، فلما أخبر بأن الرسول ÷ أمر بتوريثها من الدية رجع إليه.

(٦) فكان اجماعاً سكوتيًّا.

(٧) هذا رد على الاعتراض الوارد على هذا الاستدلال، حيث قالوا بأن الاستدلال بإجماع الصحابة معارض بمخالفة ابن عباس خبر أبي هريرة.

(٨) في (ج) و (ب): «منه».