[مراتب الإجازة]
  والجمهور جوازها - خلافاً لأبي حنيفة وغيره - وجواز حدثني وأخبرني إجازةً، مُقيِّداً لا مُطْلِقاً. ومنعهما(١) قوم.
  قلت: وذكر الدواري أنها تصح مع الإطلاق، والتقييد أجود، وأنه يجوز أخبرني، لا حدثني أو سمعته.
  وأما الإمام المهدي # فقد أبطل الرواية بمجرد الإجازة، ورواه عن أصحابنا، قال: وأما العمل فلا يبعد أنه(٢) يجوز؛ لأن الإجازة قرينة ظاهرة على صحة الخبر عند المُجيز، وهو عدل، اللهم إلا أن ينضم إلى ذلك «قد سمعته» جازت الرواية لأجله(٣) لا لأجلها.
  ولما احتج المجوِّزون للرواية بأنه كان رسول الله ÷ يرسل بكتبه مع الآحاد وإن لم يعلموا ما فيها، ولم ينكر روايتهم ما فيها عنه، ولم يسمعوا عنه شيئاً فلم يكن معهم إلا مجرد الإجازة - أبطله(٤) بأنا لا نسلّم أنهم يقولون: حدثنا أو أخبرنا أو سمعنا، وإنما يقولون: أَمَرَنا بتبليغ كتابه، ومراده منكم العمل بما فيه. قال: ولأن الإجازة إحلال للخبر، وليس ذلك مما يملكه المجيز فيسوغ إحلاله، وليس للمخبر أن يخبر إلا بما سمعه، والإجازة لا تصيّره سامعاً.
  قال في الجوهرة معتذراً عن ذلك: فإذا ثبت أن قوله: «قد أجزت لك أن تروي عني» إقرارٌ من جهة العادة أنه سمع ما صح عنه - فحكمه حكم المناولة.
  نعم، أما «أنبأني» فجائز بالاتفاق؛ للعرف. قيل: وتجوز لجميع الأمة الموجودين. قال الإمام المهدي #: أما إذا كانت للموجودين من الأمة أو بعضهم مع التعيين، نحو: الموجودين من بني فلان، ثم للمعدومين - فذلك من المهازلة في الدين، فلا يُلتفت إليها في جواز الرواية أصلاً.
(١) أي: حدثني وأخبرني.
(٢) في (أ): «أن».
(٣) أي: لأجل السماع، لا لأجل الإجازة.
(٤) أي: الإمام المهدي #.