الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[مراتب الإجازة]

صفحة 203 - الجزء 1

  والجمهور جوازها - خلافاً لأبي حنيفة وغيره - وجواز حدثني وأخبرني إجازةً، مُقيِّداً لا مُطْلِقاً. ومنعهما⁣(⁣١) قوم.

  قلت: وذكر الدواري أنها تصح مع الإطلاق، والتقييد أجود، وأنه يجوز أخبرني، لا حدثني أو سمعته.

  وأما الإمام المهدي # فقد أبطل الرواية بمجرد الإجازة، ورواه عن أصحابنا، قال: وأما العمل فلا يبعد أنه⁣(⁣٢) يجوز؛ لأن الإجازة قرينة ظاهرة على صحة الخبر عند المُجيز، وهو عدل، اللهم إلا أن ينضم إلى ذلك «قد سمعته» جازت الرواية لأجله⁣(⁣٣) لا لأجلها.

  ولما احتج المجوِّزون للرواية بأنه كان رسول الله ÷ يرسل بكتبه مع الآحاد وإن لم يعلموا ما فيها، ولم ينكر روايتهم ما فيها عنه، ولم يسمعوا عنه شيئاً فلم يكن معهم إلا مجرد الإجازة - أبطله⁣(⁣٤) بأنا لا نسلّم أنهم يقولون: حدثنا أو أخبرنا أو سمعنا، وإنما يقولون: أَمَرَنا بتبليغ كتابه، ومراده منكم العمل بما فيه. قال: ولأن الإجازة إحلال للخبر، وليس ذلك مما يملكه المجيز فيسوغ إحلاله، وليس للمخبر أن يخبر إلا بما سمعه، والإجازة لا تصيّره سامعاً.

  قال في الجوهرة معتذراً عن ذلك: فإذا ثبت أن قوله: «قد أجزت لك أن تروي عني» إقرارٌ من جهة العادة أنه سمع ما صح عنه - فحكمه حكم المناولة.

  نعم، أما «أنبأني» فجائز بالاتفاق؛ للعرف. قيل: وتجوز لجميع الأمة الموجودين. قال الإمام المهدي #: أما إذا كانت للموجودين من الأمة أو بعضهم مع التعيين، نحو: الموجودين من بني فلان، ثم للمعدومين - فذلك من المهازلة في الدين، فلا يُلتفت إليها في جواز الرواية أصلاً.


(١) أي: حدثني وأخبرني.

(٢) في (أ): «أن».

(٣) أي: لأجل السماع، لا لأجل الإجازة.

(٤) أي: الإمام المهدي #.