الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [طرق العلة]:

صفحة 356 - الجزء 1

  وقد روي أن بعض العلماء⁣(⁣١) قال لبعض الملوك⁣(⁣٢) وقد جامع في نهار رمضان: صُمْ شهرين متتابعين، فأُنْكِرَ عليه، فقال: لو أمرته بإعتاق رقبة لسهل عليه بذل ماله في شهوة فرجة فلم يرتدع.

  ومنه: جعل ثلاث تطليقات لم يتخللهن رجعة واحدة ثلاثاً؛ دفعاً للتتايع⁣(⁣٣) في الطلاق، بعد تقرر كونها واحدة. ومنه: ترك حي على خير العمل في الأذان ترغيباً في الجهاد. ومنه: وضع الحديث للترغيب والترهيب. ومنه: الكفر لإسقاط المظالم أو البينونة⁣(⁣٤) من الزوج. ومنه: قطع إذن المؤذي أو شفتيه أو أنفه. ومنه: الضرب بالتهمة لإخراج السرقة. فَجِنْسُ الزجر، والترغيب والترهيب، والسعي في براءة الذمة، وحفظ العرض والمال - معتبر، لكن مصادمة الدليل تمنع من اعتباره هاهنا.

  (وهذان) يعني: الغريب⁣(⁣٥) المرسل والملغى (مُطَّرحان) لا يُؤخذ بهما في الشرع (اتفاقاً) لأنه ابتداء شرع بما يُستحسن عقلاً، وهو لا يجوز؛ لأن الشرائع لا تهتدي إليها العقول، بل هي موقوفة على نظر الشارع، فهما في باب المناسب بمثابة الطرد المهجور⁣(⁣٦) في باب الشبه في أنه لا يُعلّل بهما كما لا يُعلّل بالطرد المهجور.


(١) هو: يحيى بن يحيى الليثي صاحب مالك وإمام الأندلس، (ت ٢٣٤ هـ).

(٢) هو الأمير عبدالرحمن بن الحكم الأموي، المعروف بعبدالرحمن الثالث.

(٣) التتايع: هو الدخول في الشر، والمراد به هنا: التهافت فيه.

(٤) في (ب): «وللبينونة».

(٥) في (أ): «غريب».

(٦) هو ما علم من الشارع إلغاؤه قطعاً. وسمي مهجوراً لأنه هجر التعليل به. قسطاس.