مسألة: [طرق العلة]:
  ولا مناسب؛ فيخرج بنفي التأثير: ما يثبت بنص أو إجماع، وبنفي المناسبة: ما يثبت بالإخالة.
  والشبه المذكور (كالكيل في تحريم التفاضل على رأي) أئمتنا $، فإنهم يجعلون العلة في تحريم التفاضل اتفاق الجنس والتقدير، وعند الشافعي: الجنس والطعم، وعند مالك: الجنس والإقتيات، فإن التعليل بهذه العلل جميعها لم يثبت بنص ولا إجماع، وإنما يثبت بكونه دار معها الحكم وجوداً وعدماً، قالوا: والعلة شَبَهِيِّة.
  قال في حواشي الفصول: فإن قيل: قد نص علماء الفقه من أئمتكم وغيرهم على أن علة التحريم مُنبَّهٌ عليها، وكلٌّ على أصله، وهذا يقتضي أن علة الربا مؤثرة لا شبهية، فكيف مثلوا بها واختاروها في الشَبَهية؟ قلت: إنما أرادوا أنها شبهية بالنظر إلى مادتها، لا بالنظر إلى الأمر الخارجي، والله اعلم. انتهى.
  (و) كما (يقال في تطهير النجس) عند محاولة إلحاقه بطهارة الحدث: (يتعين له الماء كطهارة الحدث، بجامع كون كل واحد منهما طهارة تراد للصلاة، فيتعين لها الماء كطهارة الحدث) فإن الجامع وصف شبهي؛ إذ لا تظهر مناسبته للحكم المذكور، لكن يوهم المناسبة من جهة أنه قد اجتَمَعَ فيها - أعني إزالة النجاسة - كونها طهارة للصلاة، وكونُها عن النجاسة، والشارع قد اعتبر الأول؛ حيث رتّب عليه حكم تعيين الماء في الصلاة والطواف ومس المصحف، ولم يعتبر الثاني في شيء من الصور، فظهر لنا أن إلغاءَ ما لم يَعْتَبرْهُ أصلاً، والحكمَ بخلوِّه عن المصلحة - أقربُ وأنسبُ من إلغاءِ ما اعتبره، والحكمِ بخلوِّه عن المصلحة، فتوهمنا من ذلك أن الوصفَ الذي اعتبره - كالطهارة للصلاة - مناسبٌ للحكم الذي هو تعيين الماء، وأن فيه مصلحة، وأن الشارع حيث اعتبر تلك الصفة إنما اعتبرها للاشتمال على تلك المصلحة، وهذا معنى شّبَهيِّة الوصف.
  واعلم أنا قد فسرنا كلام المُصَنِّف ¦ بما اقتضاه ظاهره في الحد والمثالين.