الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الاعتراضات]

صفحة 369 - الجزء 1

  المناظرة، مثاله: إذا قال في المُكْرِه⁣(⁣١): مختارٌ للقتل فيُقْتصَّ منه كالمُكْرَه، فيقال: ما تعني بالمختار؟ فإنه يقال: للفاعل القادر، والفاعل الراغب، فهذا في دعوى الإجمال. وأما الغرابة فمثالها أن يقول في الكلب المُعلَّم يأكل من صيده: إيّل⁣(⁣٢) لم يُرَضْ⁣(⁣٣)، فلا تحل فريسته كالسِّيْد⁣(⁣٤)، فيقال: ما معنى الإيل؟ وما معنى لم يرض؟ وما معنى الفريسة؟ وما السِّيْد؟

  واعلم أن المعترض مع أنه لا يُكلَّف بيان التساوي لو التزمه تبرعاً، وقال: وهما متساويان؛ لأن التفاوت يستدعي ترجيحاً بأمر، والأصل عدم المُرجِّح - لكان⁣(⁣٥) جيداً؛ وفاءً بما التزمه أولاً.

  والجواب عن الاستفسار ببيان ظهور اللفظ في مقصودة، فلا إجمال ولا غرابة، وذلك: إما بالنقل عن أهل اللغة، وإما بالعرف العام أوالخاص، أو بالقرائن المضمومة معه. (ومن أمثلته) أي: أمثلة ذلك في الإجمال (إذا استدل بقوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}⁣[البقرة: ٢٣٠] فيقال) له: (ما المراد بالنكاح، هل الوطء) كما يقال له ذلك لغة (أم العقد) كما يقال له ذلك شرعاً؟ (وجوابه: أنه) ظاهر في الوطء؛ لانتفاء الحقيقة الشرعية، أو (ظاهر في العقد شرعاً) لِهَجْرِ الحقيقة اللغوية (أو لأنه مسند إلى المرأة(⁣٦)) فإن لفظ النكاح بمعنى الوطء لا يسند إلى المرأة، فقرينة الإسناد تُعيِّن كونه


(١) قوله: «المكرِه» بالكسر، و «كالمكرَه» بالفتح. سيلان.

(٢) إيل: بكسر الهمزة وتشديد الياء مفتوحة، ذكره في ديوان العرب، قال: وضم الهمزة لغة فيه، وهو الذكر من الأوعال. لسان العرب.

(٣) لم يرض: أي: لم يسبق الفريسة المقتولة. لسان العرب.

(٤) السِّيْد - بكسر السين وسكون الياء -: هو الذئب. لسان العرب.

(٥) جواب «لو».

(٦) أي: أنه ظاهر في العقد بقرينة أنه مسند إلى المرأة.