مسألة: [أقسام الحقيقة:]
  قلت: وأهل هذا الفن يحكمون بأنها داخلة تحت العرفية، فيجعلونهما(١) قسماً واحداً، سِوى أنهم يخصون الأولى بالعرفية العامة، وهي: التي لا يتعين ناقلها، والثانية بالعرفية الخاصة، وهي: التي يتعين ناقلها. والمصنف ¦ جعل الخاصة قسماً مستقلاً؛ نظراً منه إلى غلبت العرفية عند الاطلاق على العامة، وأن الخاصة هي المسماة(٢): اصطلاحية، دون العامة، فاعرفه.
  نعم، وصفة النقل في العامة: أن ينقل الاسم طائفة من الطوائف، ويستفيض(٣) فيها، ويتعدى إلى غيرها(٤)، ويشيع في الكل على طول الزمان، ثم ينشأ مَنْ بعدهم مقتفياً أثرهم في استعماله في ذلك المعنى. وإنما قيل بهذا لبعد تواطئ أهل اللغة مع سعتهم على ذلك.
  (وشرعية) وهي اللفظ المستعمل فيها وضع له في عرف الشرع، أي: وضع الشارع لمعنىً بحيث يدل عليه بلا قرينة، كما قلنا في العرفية، وذلك كالصلاة للأذكار والأركان المخصوصة، وقد كانت في اللغة للدعاء، قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}[التوبة ١٠٣].
  (ودينية) وهي التي استعملها الشارع في أصول الدين، وذلك كمؤمن، فإنه كان في اللغة(٥) للمُصَدِّقِ، وصار في الشرع للآتي بالواجبات المجتنب للمقبحات(٦). وكذلك فاسق، فإنه كان في اللغة الخارج، وصار في الشرع للمرتكب للكبيرة عمداً، لم يرد دليل بخروج صاحبها من الملة.
(١) في (أ) و (ج): «يجعلونها».
(٢) في (ب): «المسمى».
(٣) أي: يشتهر.
(٤) أي: إلى غير تلك الطائفة.
(٥) سقط من (أ): «في اللغة».
(٦) في (ب): «المتجنب المقبحات».