الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه:

صفحة 466 - الجزء 1

  كالأمر فإنه لما كان حقيقة في القول اشتق منه⁣(⁣١) فقيل: آمر، ومأمور، وثُنّيَ وجُمِعَ. واعترض بأن في الحقائق ما لا اشتقاق فيه كالرائحة، وفي المجازات ما يُثنى ويُجمع، كما يقال: حُمُر في جمع البليد. وقد فصل باختلاف صيغ الجمع، فإن الأمر بمعنى القول يُجمع على أوامر، وبمعنى غيره يجمع على أمور. واعترض بأنه لا دلالة في ذلك؛ لأن هذه سبيل أكثر المشتركات، ألا ترى أن اليد بمعنى الجارحة تجمع على أيدٍ، وبمعنى النعمة تجمع على أيادٍ.

تنبيه:

  إطلاق لفظ الحقيقة والمجاز على الحقيقة والمجاز حقيقةٌ بحسب العرف، مجاز بحسب أصل اللغة؛ أما الحقيقة فلأنها قد نُقلت من المعنى اللغوي إلى الاعتقاد المطابق، ثم نقلت إلى القول المطابق، فقد صارت في الدرجة الثانية من النقل. وأما المجاز فلأنه قد نُقل - أيضاً - من المصدر واسم المكان إلى اسم الفاعل، فقيل: جائز، ثم نقل إلى كل لفظٍ استعمل في غير ما وضع له، فهو أيضاً في الدرجة الثانية من النقل. وهو أيضاً مأخوذ من العبور والتعدي، وإنما هو حقيقة في الأجسام، لكن لما كان المتكلم يتعدى باللفظ عما وضع له إلى غيره شُبِّه بالتعدي الحقيقي.


(١) ولم يشتق منه إذا كان بمعنى الفعل، فيكون في الفعل مجازاً لعدم الاشتقاق منه بهذا المعنى.