الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه: [حكم الأمر المقيد بالتأبيد، أو بالعام، أو بوصف، أو شرط]:

صفحة 477 - الجزء 1

تنبيه: [حكم الأمر المقيد بالتأبيد، أو بالعام، أو بوصف، أو شرط]:

  والمقيد بالتأبيد يقتضي الدوام، وفي جواز نسخه خلاف سيأتي.

  والمقيد بالعام يقتضي التكرار، نحو: أكرمه كلما قام، وبغيره من وصفٍ أو شرطٍ إن لم يمكن فيهما التكرار لم يقتضه، نحو: ادفع إلى قاتل عمرو درهماً، واكْسِهِ إن قتل زيداً⁣(⁣١)، وإن أمكن⁣(⁣٢): فإن كانا⁣(⁣٣) علة في المعنى - نحو: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا}⁣[النور ٢]، {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}⁣[المائدة ٦] - وجب التكرار اتفاقاً؛ للأمر عند القائلين إن مطلقه يقتضيه، وللعلة عند القائلين إنه لا يقتضيه. وإن كانا غير علة - نحو: اعطه درهماً حال قيامه، وإن دخلت السوق فاشتر لحماً - لم يقتض التكرار عند أئمتنا $ وجمهور القائلين إن مطلقه لا يقتضيه، خلافاً لأقلّهم وللقائلين إن مطلقه يقتضيه، كالإسفرائيني.

مسألة: [هل تكرير الأمر يقتضي تكرار المأمور به]:

  (و) الأمر (تكريره) من غير تعاقب يقتضي التكرار في المأمور به، نحو: صل ركعتين، ثم يقول بعد مدة: صل ركعتين، سواء تماثلا كما ذكرنا، أو اختلفا، نحو: صلّ ركعتين، ثم يقول: صم، فالثاني تأسيس. وكذا⁣(⁣٤) مع التعاقب إذا كانا مختلفين مع العطف أو عدمه⁣(⁣٥)، وإمكان الجمع واستحالته عقلاً أو شرعاً، نحو: «قم واقعد⁣(⁣٦)» في وقت، و «صم وكُلْ» في وقت⁣(⁣٧)، لكنه يمتنع الأمر بالجمع في المستحيل، إلا عند مجوِّز تكليف ما لا يطاق.


(١) لأن قتل عمرو لا يتكرر.

(٢) أي: التكرار.

(٣) أي: الوصف والشرط.

(٤) أي: أنه مع التعاقب إذا كانا مختلفين يكون الثاني للتأسيس.

(٥) نحو: صم، صلِّ.

(٦) هذا مثال المستحيل عقلاً.

(٧) نحو: صم يوم الجمعة وافطر يوم الجمعة. وهذا مثال المستحيل شرعًا.