الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [هل ذكر حكم لجملة يخصصه ذكره ثانيا لبعضها]:

صفحة 508 - الجزء 1

  على أن الجمع كتضعيف⁣(⁣١) المفرد، والمفرد مذكر اتفاقاً؛ إذ لا نزاع في أن مثل «مسلم» و «فعل» و «افعل» للمذكر خاصة.

  قالوا: لو لم يدخلن في هذه الصيغ لما شاركن في الأحكام؛ لثبوت أكثرها بهذه الصيغ، وإنهن مشاركات بالاتفاق، كما في أحكام الصلاة والزكاة والصوم الثابتة بنحو: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}⁣[البقرة ٤٣]، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}⁣[البقرة ١٨٣].

  قلنا: لا نسلم مشاركةَ النساء في تلك الأحكام بهذه الصيغ (و) دخولَهن تحت العموم الوضعي، بل الحق (أن دخول النساء في عموم) «يا أيها (الذين آمنوا» أو نحوه) مما ذكر (بنقل الشرع) لحمل الصحابة والتابعين لذلك على الجنسين، وما المانع من أن يشاركن بدليل خارجي، ولكون الأمر كذلك لم يشاركن في مثل: الجهاد والجمعة بقوله [تعالى]: {وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[الأنفال ٧٤]، {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}⁣[الجمعة ٩]؛ لعدم الدليل الخارجي في ذلك. ولا يبعد فيما كان كذلك تصيير القرينة له حقيقة⁣(⁣٢) في الجنسين، وهي كون القرآن خطابًا لمن آمن، وهنَّ ممن آمن قطعاً، فيشملهن الخطاب بذلك من غير دليل من خارج؛ لاقتضاء الوضع الشرعي ذلك، وإن كان الوضع اللغوي لا يقتضيه (أو) يقال: إن دخولهن (بالتغليب) أي: تغليب الذكور على الإناث. قلت: وأنت تعلم أن هذا محل النزاع؛ لأنهم اختلفوا هل ذلك التغليب ظاهر عند إطلاق هذه ا لصيغ أو لا، بل مبني على قيام القرينة.

مسألة: [هل ذكر حكم لجملة يخصصه ذكره ثانيًا لبعضها]:

  (و) المختار وفاقاً لأئمتنا $ والجمهور (أن ذكر حكم لجملة(⁣٣) لا


(١) لفظ القسطاس: لتضعيف، وهو جعل مدلوله فوق الواحد.

(٢) في (ج) «حقيقة شرعية».

(٣) لفظ العضد: وإذا وافق الخاص حكم العام فلا تخصيص. هامش (أ).