الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة:

صفحة 112 - الجزء 1

  يُعقل، فثبت أنه لا بد أن يكون ما يُخاطِب به الحكيم له معنى.

  (ولا) في القرآن ولا في السنة أيضاً (ما(⁣١) المراد به خلاف ظاهره من دون دليل) يدل عليه⁣(⁣٢) (خلافاً لبعض المرجئة(⁣٣)) فإنهم يقولون: إن آي الوعيد المراد بها خلاف ظاهرها من غير بيان، ويجوِّزون شروطاً واستثناءات⁣(⁣٤) فيها⁣(⁣٥) مضمرة ولا دلالة عليها، نحو قوله تعالى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}⁣[الانفطار]، قالوا: إن أراد الله تعالى عذابهم، أو إلا أن يعفوَ عنهم، أو إن كانوا كفاراً⁣(⁣٦)، وكذا باقي آيات الوعيد.

  قلنا: يلزم مثل ذلك في الأمر والنهي والوعد، فيلزمكم في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}⁣[الأنعام ٧٢] إن شئتم، أو إن لم يشغلكم عنها أَرَبٌ⁣(⁣٧)، وذلك انسلاخٌ عن الدين، وتلعب بكلام الحكيم.


(١) ما: بمعنى شيء، والمراد بدل أو نعت، وليست موصولة؛ لعدم دخول الموصول على مثله، وهو هنا: «أل» في المراد فإنها موصولة. انظر شفاء غليل السائل.

(٢) أما مع الدليل فذلك كثير، كما في قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}⁣[المائدة ٨٩] فالمراد غير ظاهره من الإطلاق، وهو التتابع؛ لقراءة ابن مسعود. أبيات شفاء غليل السائل.

(٣) الإرجاء: هو التأخير، سموا بذلك لتأخيرهم حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، وعدم قطعهم بوعيد، فهم لا يجعلون الأعمال سبباً لوقوع العذاب، ولا لسقوطه، بل أرجوها، أي: أخروها.

(٤) في (أ): «واستثناء».

(٥) سقط من (ج): «فيها».

(٦) الأول والثالث مثال للشرط، والثاني مثال للاستثناء.

(٧) الإربة والإرب: الحاجة، وفيه لغات هي: إرْب، وإرْبةٌ، وأربٌ، ومأرُبة، ومأرَبة. لسان العرب.