مسألة:
  يُعقل، فثبت أنه لا بد أن يكون ما يُخاطِب به الحكيم له معنى.
  (ولا) في القرآن ولا في السنة أيضاً (ما(١) المراد به خلاف ظاهره من دون دليل) يدل عليه(٢) (خلافاً لبعض المرجئة(٣)) فإنهم يقولون: إن آي الوعيد المراد بها خلاف ظاهرها من غير بيان، ويجوِّزون شروطاً واستثناءات(٤) فيها(٥) مضمرة ولا دلالة عليها، نحو قوله تعالى: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}[الانفطار]، قالوا: إن أراد الله تعالى عذابهم، أو إلا أن يعفوَ عنهم، أو إن كانوا كفاراً(٦)، وكذا باقي آيات الوعيد.
  قلنا: يلزم مثل ذلك في الأمر والنهي والوعد، فيلزمكم في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}[الأنعام ٧٢] إن شئتم، أو إن لم يشغلكم عنها أَرَبٌ(٧)، وذلك انسلاخٌ عن الدين، وتلعب بكلام الحكيم.
(١) ما: بمعنى شيء، والمراد بدل أو نعت، وليست موصولة؛ لعدم دخول الموصول على مثله، وهو هنا: «أل» في المراد فإنها موصولة. انظر شفاء غليل السائل.
(٢) أما مع الدليل فذلك كثير، كما في قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}[المائدة ٨٩] فالمراد غير ظاهره من الإطلاق، وهو التتابع؛ لقراءة ابن مسعود. أبيات شفاء غليل السائل.
(٣) الإرجاء: هو التأخير، سموا بذلك لتأخيرهم حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، وعدم قطعهم بوعيد، فهم لا يجعلون الأعمال سبباً لوقوع العذاب، ولا لسقوطه، بل أرجوها، أي: أخروها.
(٤) في (أ): «واستثناء».
(٥) سقط من (ج): «فيها».
(٦) الأول والثالث مثال للشرط، والثاني مثال للاستثناء.
(٧) الإربة والإرب: الحاجة، وفيه لغات هي: إرْب، وإرْبةٌ، وأربٌ، ومأرُبة، ومأرَبة. لسان العرب.