الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة:

صفحة 111 - الجزء 1

  الثانية: زيادة الثواب بمشقة النظر، وهو⁣(⁣١) على قدر المشقة.

  الثالثة: ليكون بعد النظر فيه أحوط للعارف بمعناه، وأضبط له⁣(⁣٢)؛ لأن ما حصل بمشقة فالنفس أحرص عليه، مما لم يحصل بمشقة.

  الرابعة: إرادة إصغاء الكفار إلى سماعه؛ حتى يحصل لهم البيان، وتلزمهم الحجة لله تعالى؛ لأنهم لما أنزل المحكم أعرضوا عن سماعه، كما حكى تعالى عنهم بقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}⁣[فصلت ٢٦]، وأنزل المتشابه، فعند ذلك أصغوا إلى سماعه؛ طلباً للطعن فيه، فلم يجدوا ذلك، فلزمتهم الحجة عند⁣(⁣٣) ذلك.

  الخامسة: أنه الله تعالى أنزل كتابه على أعلى درجة البلاغة، والمجاز أساسها، وقد يكون متشابهاً، فحسن إيراده لهذا الغرض، حتى إن فحول الرجال البلغاء من الشعراء الذين أدركوا الإسلام والجاهلية لم تلحق أشعارهم في الإسلام بأشعارهم في الجاهلية؛ لأن فصاحة القرآن طمست بلاغتهم.

مسألة:

  (وليس في القرآن) ولا في السنة (ما لا معنى له) يُراد (خلافاً للحشوية) فقالوا: يجوز أن يكون فيه ما لا يُراد به معنىً البتة⁣(⁣٤)، كأوائل السور التي أولها حروف معدَّدة⁣(⁣٥)، نحو: {كهيعص}.

  قلنا: خطاب حكيم فهو إما أن يريد به الحفظ أوالتفهم، وذلك باطل في حقه تعالى كما مر، فتعين أن يكون لإفهام الغير، وذلك لا يكون إلا بما له معنى


(١) أي: الثواب.

(٢) سقط من (أ): «له».

(٣) في (أ): «على ذلك».

(٤) أي: قطعاً.

(٥) في (أ): «متعددة».