الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [وجوب التأسي بالنبي ÷ وطريق وجوبه]:

صفحة 117 - الجزء 1

  (إلا ما وضح فيه أمر الجِبِلَّة) كالقيام، والقعود، والأكل، والشرب، والمشي، والركوب، ونحوها⁣(⁣١)، فإنا علمنا من دينه ÷ أنه لم يُلْزِمْنَا اتباعه في ذلك. والمراد فعلها، لا هيئته⁣(⁣٢) فإنا متأسون به فيها، كهيئة الأكل⁣(⁣٣) والشرب⁣(⁣٤) (أو عُلِمَ(⁣٥) أنه من خصائصه كالتهجد والأُضْحيَّة) يعني: وجوبهما عليه، وكوجوب الوِتْرِ، والمشاورة⁣(⁣٦)، والسواك، وتخيير نسائه فيه.

  أو كان مباحاً في حقه، كالوصال في الصوم، والنكاح بلا مهر وشهود، وإلى تسع.

  أو مُحرَّماً، كخائنة الاعين⁣(⁣٧)، ونزع لامَته⁣(⁣٨) حتى يقاتل، ونحو ذلك مما اختص⁣(⁣٩) به ÷، فإن تعريفه إيانا بأنه مختص بذلك أسقط عنا وجوب التأسي به، ولا خلاف في ذلك، وما عدا ذلك فإنه يجب علينا التأسي به فيه.

  وقال أبو الحسن الكرخي وغيره: لا يجب التأسي به ÷ مطلقاً⁣(⁣١٠)، إلا ما دل عليه دليل أن حُكْمَنَا فيه⁣(⁣١١) حكمه⁣(⁣١٢)، نحو: «صلّوا كما رأيتموني أُصلّي»، «وخذوا عني مناسككم».


(١) من الأفعال التي لا تخلو عنها طبيعة كل ذي روح.

(٢) أي: هيئة الفعل.

(٣) كالأكل باليمنى، وتصغير اللقمة، وإطالة المضغ، وغير ذلك.

(٤) كالمص على ثلاثة أنفاس.

(٥) وفائدة اختصاصه بالإيجاب زيادة الدرجات؛ إذ لم يتقرب المتقربون بمثل ما افترضه عليهم.

(٦) لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.

(٧) وخائنة الأعين: هي الإيماء بالعين في مآربه، وكان رسول الله ÷ يقول: «ما كان لنبي أن تكون له خائنة الأعين».

(٨) أي: إذا لبس آلة الحرب فلا يجوز له نزعها حتى يقاتل.

(٩) مثل صلاته متنفلاً بغيره مفترضاً، وتحريم أكل البقول ذوات الروائح الكريهة، وجواز دخول المسجد جنباً، وتحريم زوجاته على غيره، وإباحة النكاح له وهو محرم، ودخول الحرم بغير إحرام.

(١٠) أي: لا في العبادات ولا في غيرها.

(١١) سقط من (أ): فيه.

(١٢) لفظ الجوهرة: وعند بعضهم لا يجب التأسي به إلا فيما دلّ على أن حكمنا حكمه فيه على التعيين، كقوله: «صلوا ... إلخ». جوهرة الأصول ص ٣٢٥/ ط ١.