الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[ما يرد من أخبار الآحاد وما يقبل]

صفحة 182 - الجزء 1

  قال صاحب الجوهرة: وهي الكتاب والسنة والإجماع المعلومة. وكذا ذكر الإمام المهدي #.

  وتلك المخالفة بأن يقضي الخبر في عين ما حكمت به الأصول بحكم خلاف ذلك، كتحليل وتحريم. هذا إذا لم يمكن إلا على جهة النسخ؛ إذ لا ينسخ قاطع بمظنون، خلافاً للظاهرية، وسيأتي، فأما إذا أمكن حمله على تخصيصها فهو مقبول إن كان عمليًّا اتفاقاً⁣(⁣١)؛ إذ يُخصص القطعي بالظني، لا إذا كان علمياً⁣(⁣٢) على المختار، وسيجئ.

  ومن قبل الآحادي في أصول الدين كأصحاب الحديث يخالف هنا؛ إذ من مذهبهم قبول الآحادي المخالف للأدلة القطعية.

  حجتنا عليهم: أنه لا خلاف في وجوب العمل بالأصول، فإذا خالفها الخبر وجب اطِّراحه. وليس هذا نفس المتنازع فيه؛ لأنه لا منازعة في أنه لا يجوز العمل بالظني حيث في العمل به اطِّراحُ القطعي، لكنهم إن قالوا: خبر الواحد يفيد القطع - كان حكمه مع معارضه كالقطعيين المُتعارضين، وإن قالوا: لا يفيد القطع قبلوه وتأولوه إن أمكن، ولو بتعسّف عند محمد بن شجاع⁣(⁣٣)، وإلا قبلوه وتوقفوا في معناه، كما قالوا في الوجه والجَنْب واليد والعين الموجودة في القرآن، فإنهم لم يتأولوها، وتوقّفوا في معناها.

  قلت: وخلاف الظاهرية واردٌ هنا أيضاً؛ لأنهم يُجوِّزون نسخ القطعي بالظني، والله أعلم.

  قال ابن أبي الخير: لم يذكر الأصوليون هذه المسألة على حِدَةٍ، وإنما يذكرون


(١) وقد ضُعِّف دعوى القبول اتفاقاً؛ إذ النزاع في تخصيص القطعي بالظني شائع، وإنكار ذلك واقع. شرح فصول. هامش (ب).

(٢) أي: فلا يخصص على المختار؛ إذ لا يخصص علميٌّ بمظنون.

(٣) يعني أن من مذهبه صحة التأويل وقبوله ولو بتعسف، لا أنه يقول بمقالتهم في هذه المسألة. هامش (ب).