الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

الدليل الثاني: السنة

صفحة 183 - الجزء 1

  ما خالف القياس، ثم يذكرون أعيان المسائل التي دار الخلاف فيها بين الحنفية والشافعية بعد اتفاقهم على رد ما خالف الأصول، وقبول ما خالف قياسها.

  وقد استشكل صاحب الجوهرة هذه المسألة، وقال: إن كان المراد نسخ الكتاب أو⁣(⁣١) السنة لم يقبل إلا عند الظاهرية، وإن كان المراد تخصيصها على الوجه الذي أسلفناه فهو مسلّم، وإن كان المراد رفع حكم النظائر والأشباه فهو الكلام في مخالف قياس الأصول، فليت شعري⁣(⁣٢) من أين جاء الخلاف⁣(⁣٣)؟

  قال القاضي عبدالله الدواري: يقال: إن الأقسام التي ذكرتها حكمها ما ذكرت، ولا خلاف فيها من الجهات المذكورة، لكن مسألة الخلاف عدلت عنها، وهي تعيين المسائل ما الذي منها يخالف الأصول؟ وما الذي منها يخالف قياس الأصول؟ وما فُهْتَ⁣(⁣٤) في ذلك بكلمة واحدة، فالعجب منك لا العجب من غيرك، قال: والإشكال داخل في هذا الخلاف من الجهل بالأصول التي يخالفها خبر الواحد، وما المراد بها، فالشيخ - يعني صاحب الجوهرة - قال: المراد بالأصول، الكتاب، والسنة المتواترة، والإجماع القاطع، ونحو ذلك، وهو مُستنِدٌ في كلامه إلى كلام الإمام المنصور بالله # وكلام الشيخ الحسن. والشيخُ الحسن يصرّح بأن المراد بالأصول: الكتاب والسنة.

  قال⁣(⁣٥): والاولى أن يقال: مراد العلماء بالأصول التي تكلموا فيها إذا خالفها الخبر الآحادي هي الأخبار الآحادية إذا كثرت ولم تبلغ حد التواتر،


(١) في (ج): «والسنة».

(٢) قال في النهاية: يقال: ليت شعري ما صنع فلان، أي: ليت علمي حاضر أو محيط بما صنع.

(٣) انظر الجوهرة ص ٢٨٩ وما بعدها دار إحياء التراث العربي.

(٤) أي: ما تكلمت.

(٥) أي: القاضي عبدالله الدواري.