مسألة: [حقيقة الصحابي]:
  بدليل قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ٣٧}[الكهف]، وما جاء في بعض الأحاديث: «يؤتى بأقوام يوم القيامة ... إلى قوله: فيذهب بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي، أصحابي، فيُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟»، فلم يُنكر عليه تسميتهم أصحاباً، فثبت أن قيد: «ولم يخالف بعد موته» باطل.
  قلت: هكذا احتج المهدي #، ولا يخفى أنه يلزم منه عدم اعتبار اتِّباع شرعه في الحياة أيضاً، ويلوح منه أن المراد بالاتباع حيث اعتبر حقيقة الإيمان في الظاهر والباطن، فيخرج الفاسق والمنافق حيث كان عصيانهما في حال حياته ÷، لا بعدها، فافهم.
  قال الدواري في الاحتجاج على عدم اعتبار الاتباع بعد الوفاة: الصحبة مأخوذة من اللغة، وهي إنما تفيد الاتباع في حال الحياة فقط، ثم قال آخراً: إن اعتبار ذلك بناءً على أن ذلك خاص بأصحاب النبي ÷، أو بناءً على أن الأغلب أن من صَحِبَ غيره يتبعه فيما يحب، وإلا فالتحقيق(١) أن الصاحب من كَثُرَتْ مُلازمته لغيره بحيث يريد نزول الخير به ودفع الشر عنه وإن لم يتبعه في عقائده ودينه وأقواله.
  وقال(٢) المحدثون وبعض الفقهاء: من اجتمع به مؤمناً، وإن لم تَطُل مجالسته ولم يروِ عنه.
  وقال ابن المُسيِّب: من أقام معه سنة أو سنتين، أو غزا غزوة أو غزوتين. قال في الفصول: والخلاف معنوي في الأصح. قلت: أشار إلى ما ذكره ابن الحاجب؛ لأنه قال: والمسألة لفظية.
(١) في (ج) و (ب): «وإلا ففي التحقيق».
(٢) أي: في تعريف الصحابي.