مسألة: [الخلاف في إجماع أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول]:
  واختلف المجوِّزون(١) في الوقوع، فأكثرهم على أن ذلك واقع، سواء شذَّ المخالف(٢) أو كَثُر، ثم اختلفوا(٣)، فعند جمهور أئمتنا $، وأبي علي، وأبي الحسين، وبعض الفقهاء: أنه إجماع، فيحرم العمل بمخالفه؛ لانقراض قائله(٤)، كأقوال ابن أبي ليلى(٥)، وخلاف ابن عباس في العول، ومثل هذا ذكره الأمير الحسين # في الشفاء، في مسألة الوضوء فيمن قام إلى الصلاة وهو متوضئ فتوضى(٦) فتوضيه مستحب، لا واجب، إلا عند القاسم #، وأبي الفتح الديلمي #(٧)، و انقرض كلامُهما.
  وعند بعض أئمتنا $، وبعض الفقهاء والمتكلمين ليس بإجماع(٨)؛ فيجوز العمل بمخالفه؛ إذ لا يموت بموت قائله. قال في حواشي الفصول: وهو قوي، وإلا لزم امتناع تقليد الموتى حيث لا حيّ يقول بقولهم؛ إذ يلزم موت قولهم بموتهم. ورواه أيضاً فيها عن السيد محمد بن إبراهيم، قال(٩): لأن من مضى ظاهر الدخول في الأمة، لا من سيوجد. قالوا(١٠): وأيضاً فالخلاف الأول
(١) وهم أئمتنا $ والجمهور.
(٢) أي: في العصر الأول.
(٣) أي: القائلون بوقوعه.
(٤) بموته؛ إذ بموت أحد الطائفتين يصير الآخر إجماعاً هامش م. أ.
(٥) هو أبو ليلى الأنصاري، اختلف في اسمه، فقيل: بلال، أو داود، أو بليل بالتصغير، أو أويس، أو يسار، أو أيسر، أو أن اسمه كنيته: أبو عبدالرحمن بن أبي ليلى، شهد أحد وما بعدها، وشهد مع علي # جميع مشاهده، واستشهد بصفين، خرّج له المرشد بالله والأربعة إلا النسائي. لوامع الأنوار للإمام الحجة مجد الدين المؤيدي # ٣/ ٢٨٣ ط/الثالثة.
(٦) في (ج): «ثم توضى».
(٧) هو الإمام الناصر بن الحسين بن محمد بن عيسى $، كان من أعلام أئمة الزيدية، وكان قيامه في الديلم، ثم خرج إلى أرض اليمن، (ت سنة نيّف وأربعين أو خمسين وأربعمائه). انظر التحف للإمام الحجة مجد الدين المؤيدي # ص ٢٤٢ ط/الرابعة مكتبة أهل البيت.
(٨) أي: إجماع أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول.
(٩) أي: السيد محمد بن إبراهيم.
(١٠) أي: القائلون بأنه ليس بإجماع، وتجوز مخالفته. واستدلوا بهذا الدليل هنا على عدم حجيته، واستدلوا به أولاً على امتناع وقوعه.