الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الثالث الإجماع]

صفحة 225 - الجزء 1

  يتضمن الإجماع على أن كلا القولين حق، فلا ينقلب أيهما خطأ؛ إذ يعود ذلك على كون الإجماع حجة قاطعة بالنقض.

  قلنا: لا نُسلِّم تضمنه ذلك⁣(⁣١)، بل مسكوت عنه، فإن قدرنا تضمنه لذلك لم يقع⁣(⁣٢) إلا مشروطاً بأن لا يقع إجماع على خلافه.

  وقيل: إن كان المتفقون هم المختلفين فإجماع تحرم مخالفته، وإلا⁣(⁣٣) فلا.

  قال ابن الحاجب: الحق أن وقوع الإجماع على الحكم بعد الخلاف فيه بعيد إلا في القليل، كالاختلاف في بيع أم الولد، ثم زال⁣(⁣٤)، قال: وفي الصحيح أن عثمان كان ينهى عن المتعة، قال البغوي: ثم صار إجماعاً. يعني: التحريم⁣(⁣٥)، كما كان عثمان يذهب إليه، فهو إجماع على أحد القولين بعد الخلاف.

  قلت: وفي كلامه إشعار قوي بأن المراد بالقليل⁣(⁣٦): أنه قد وقع مثله قليلاً. والذي حكاه عنه في الفصول استبعاد ذلك إلا عند شذوذ المخالف من أهل العصر الأول، وذلك مقابل لقوله⁣(⁣٧) فيما تقدم: سواء شذ المخالف أو كثر؛ لأن ذلك من تعبيره⁣(⁣٨).

  وقد روى الدواري عن بعضهم منع وقوع ذلك مطلقاً، وهو مدفوع بوقوعه من الصحابة كما ذكرنا.

  نعم، فأما قبل استقرار خلافهم فجائز بلا شبهة.


(١) أي: الإجماع على أن كلا القولين حق.

(٢) أي: التضمن المذكور. مرقاة الوصول للسيد داود ص ٣٦٤.

(٣) أي: إذا كان المتفقون غيرالمختلفين فليس بحجة.

(٤) أي: زال ذلك الاختلاف باتفاقهم على المنع منه. صفوة الاختيار ص ٢٦٣.

(٥) والصواب أن عثمان كان ينهى عن التمتع في الحج ثم اتفقت الأمة على جوازه، لا متعة النكاح كما ذهب إليه ابن الحاجب.

(٦) في قول ابن الحاجب السابق.

(٧) أي: لقول صاحب الفصول.

(٨) الضمير عائد على الفصول. من (أ).