مسألة: [مستند الإجماع]:
  واختلف المشترطون للمستند بعد اتفاقهم على صحة وقوعه(١) دلالة، هل يجوز أن يكون أمارة أَوْ لا؟ فقال أئمتنا $ والجمهور: يجوز. وقال سليمان بن جرير: لا يجوز، بل لا بد من صدوره عن دلالة قاطعة. وقيل: يجوز، لكن لم يقع.
  قلنا: بل قد وقع، كمشاورة عمر للصحابة في الزيادة على حد الشارب، فإنه كان أربعين فتساهله(٢) الفُسَّاق ولم يمتنعوا، فاستصلحوا زيادة أربعين اجتهاداً، وأجمعوا على ذلك، والوقوع فرع الجواز.
  واختلف المُجوِّزون لوقوعه عن أمارة (و) المختار وفاقاً لأئمتنا $ والجمهور (أنه يصح أن يكون مستنده) أمارة، ولو (قياساً(٣) أو اجتهاداً) كتحريم شحم الخنزير(٤). وقالت الظاهرية: لا يجوز ذلك مطلقاً(٥)، ونسبه في الفصول إلى سليمان بن جرير. وقيل: لم يقع، وإن كان ممكناً في نفسه. وقال بعض الشافعية: يجوز إن كان جليًّا، لا خفيًّا.
  قلنا: قد ثبت أن الاجتهاد حجة شرعية كالخبر - كما سيأتي - ولم يفصل الدليل [الدال] على أنه(٦) حجة بين المجتهد الواحد وبين الأمة في صحة الاحتجاج به(٧)، فلا وجه لإنكار ذلك في الأمة.
(١) الأولى: «على صحة كونه».
(٢) في (أ): «فتساهل».
(٣) وإذا أجمعوا على قياس لعلة ظنية صارت بعد الإجماع القطعي قطعية، قال الحفيد: وهذا من غرائب النظر، قال في المنهاج وشرحه: يجوز مخالفة الأمارة قبل الإجماع على حكمها، وأما بعد الإجماع فلا؛ لاعتضادها به. هامش (أ).
(٤) فإنه مجمع عليه، ومستند الإجماع قياس شحمه على لحمه. دراري.
(٥) أي: سواء كان القياس أو الاجتهاد جلياً أو خفياً.
(٦) أي: الاجتهاد.
(٧) أي: فكما أنه يصح للمجتهد الاحتجاج بالاجتهاد يصح للأمة الاحتجاج به؛ لأن دليل حجية الاجتهاد لم يفصل.