الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [مستند الإجماع]:

صفحة 227 - الجزء 1

  واختلف المشترطون للمستند بعد اتفاقهم على صحة وقوعه⁣(⁣١) دلالة، هل يجوز أن يكون أمارة أَوْ لا؟ فقال أئمتنا $ والجمهور: يجوز. وقال سليمان بن جرير: لا يجوز، بل لا بد من صدوره عن دلالة قاطعة. وقيل: يجوز، لكن لم يقع.

  قلنا: بل قد وقع، كمشاورة عمر للصحابة في الزيادة على حد الشارب، فإنه كان أربعين فتساهله⁣(⁣٢) الفُسَّاق ولم يمتنعوا، فاستصلحوا زيادة أربعين اجتهاداً، وأجمعوا على ذلك، والوقوع فرع الجواز.

  واختلف المُجوِّزون لوقوعه عن أمارة (و) المختار وفاقاً لأئمتنا $ والجمهور (أنه يصح أن يكون مستنده) أمارة، ولو (قياساً(⁣٣) أو اجتهاداً) كتحريم شحم الخنزير⁣(⁣٤). وقالت الظاهرية: لا يجوز ذلك مطلقاً⁣(⁣٥)، ونسبه في الفصول إلى سليمان بن جرير. وقيل: لم يقع، وإن كان ممكناً في نفسه. وقال بعض الشافعية: يجوز إن كان جليًّا، لا خفيًّا.

  قلنا: قد ثبت أن الاجتهاد حجة شرعية كالخبر - كما سيأتي - ولم يفصل الدليل [الدال] على أنه⁣(⁣٦) حجة بين المجتهد الواحد وبين الأمة في صحة الاحتجاج به⁣(⁣٧)، فلا وجه لإنكار ذلك في الأمة.


(١) الأولى: «على صحة كونه».

(٢) في (أ): «فتساهل».

(٣) وإذا أجمعوا على قياس لعلة ظنية صارت بعد الإجماع القطعي قطعية، قال الحفيد: وهذا من غرائب النظر، قال في المنهاج وشرحه: يجوز مخالفة الأمارة قبل الإجماع على حكمها، وأما بعد الإجماع فلا؛ لاعتضادها به. هامش (أ).

(٤) فإنه مجمع عليه، ومستند الإجماع قياس شحمه على لحمه. دراري.

(٥) أي: سواء كان القياس أو الاجتهاد جلياً أو خفياً.

(٦) أي: الاجتهاد.

(٧) أي: فكما أنه يصح للمجتهد الاحتجاج بالاجتهاد يصح للأمة الاحتجاج به؛ لأن دليل حجية الاجتهاد لم يفصل.