فرع:
  عقلي إجماعٌ قط، فإذاً الطريق إما السماع لأقاويلهم، و (إما المشاهدة) لكل واحد منهم يفعل فعلاً شرعيًّا، أو يترك شيئاً ويُعْرف(١) من كل منهم أنه تركه لتحريمه، هذا في حق الحاضر. (وإما النقل) وذلك حيث نُقِلَ (عن كل واحد) من المُجمعين المُعتبرين(٢) ذلك(٣)، وقد يفيد العلم الضروري، كالمتواتر، أو العلم الاستدلالي، كالمُتلقّى بالقبول على الأصح، أو الظن، كالآحاد، والكل حُجّة، وسيأتي.
  (أو) لم يُنقل عن الكل، لكن نُقِلَ (عن بعضهم) قول أو فعل أو ترك، وهو مما علينا فيه تكليف (مع نقل رضا الساكتين) عنه، بحيث لو حكموا أو أفتوا لَمَا كان إلا به، ومتى قيل: (و) بمَ يُعْرف رضاهم؟ قلنا: (يعرف رضاهم) معرفة غير يقينية (بعدم الإنكار) منهم لذلك الحكم والفتوى (مع) حصول (الاشتهار) لذلك بينهم، حتى لا يخفى على أحد منهم (و) مع (عدم ظهور) سبب التَّقِيَّة، وهو حصول (حامل لهم على السكوت) فإن كان لسكوتهم مَحمل(٤) غير الرضا - كإمامة الثلاثة - لم يكن إجماعاً ولا حجة؛ فسكوت الصحابة عنها لخشية الفُرْقة التي تعود بالضرر على الإسلام، وكالسكوت عن النكير في بيعة معاوية؛ إذ هو للتَّقِيَّة فلا يدل على الرضا. (و) لا بد مع ذلك من (كونه مما الحقُّ فيه مع و احد) بأن يكون من المسائل القطعية، كالقياس حيث عمل به بعض الصحابة وسكت الباقون، فمثل ذلك يكون إجماعاً وحجة، بناءً على القطع بأن السكوت رضا فيما ذلك حاله، وكذلك الحكم في المسائل الاجتهادية عند من يقول: المصيب فيها واحد،
(١) قيد للترك.
(٢) أي: في الإجماع.
(٣) أي: القول أو الفعل أو الترك.
(٤) من خوف، أو تقدم إنكار، أو نحوها.