الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الثالث الإجماع]

صفحة 244 - الجزء 1

  لا عند من يقول: كل مجتهد مصيب، فليس بحجة بعد استقرار المذاهب؛ إذ لا عادة بإنكاره.

  وأما⁣(⁣١) إذا كان قبل استقرار المذاهب مع انتشاره فاختُلف في ذلك، فعند أكثر الفقهاء أنه إجماع قطعي تحرم مخالفته، قال أبو علي: ويُشترط انقراض العصر أيضاً⁣(⁣٢)، ويُسمى: استدلاليًّا.

  وقال جمهور أئمتنا $ وأبو عبدالله والأشعرية والظاهرية، وروي عن الشافعي: إنه لا إجماع ولا حجة.

  وقال ابن أبي هريرة⁣(⁣٣) من الظاهرية⁣(⁣٤): إن كان القائل مفتياً فإجماع، وإن كان حاكماً فلا إجماع ولا حجة. وعكَّس المروزي⁣(⁣٥).

  وقال المتوكل على الله أحمد بن سليمان # وأبو هاشم والكرخي، وروي عن الشافعي: إنه حجة، لا إجماع⁣(⁣٦) قطعي، وهو الظاهر من كلام الهادي #(⁣٧). قال الإمام المهدي #: وهو الأقرب عندي؛ إذ العادة تقتضي مع عدم التَّقِيَّة أن ينكره المخالف لو كان، ويُظهر حجته، كقول معاذ لعمر لَمَّا رأى جَلْد الحامل: ما جعل الله على ما في بطنها سبيلاً، فقال: لولا معاذ لهلك عمر، وكقول امرأة لما نفى⁣(⁣٨) المغالاة في المهر: أيعطينا الله بقوله: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً}⁣[النساء ٢٠] ويمنعنا عمر؟ فقال: كلٌّ أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال⁣(⁣٩). وغير ذلك


(١) قول البعض وسكوت البعض قبل تقرر المذاهب.

(٢) أي: مع انتشاره.

(٣) ابن أبي هريرة: هو الحسن بن الحسن القاضي بن أبي هريرة البغدادي، أحد أئمة الشافعية، (ت ٣٤٥ هـ).

(٤) لعل الصواب من الشافعية.

(٥) هو أبو حامد أحمد بن بشر بن عامر القاضي، من أصحاب أبي علي من المعتزلة، (ت ٣٦٢ هـ).

(٦) بمعنى أنه يسوغ للمجتهد العمل على وفقه وإن جازت مخالفته اجتهاداً. شرح فصول.

(٧) قال في غاية السؤل وشرحها: والمختار أنه حجة ظنية.

(٨) عبارة شرح السيد داود: «وكقول امرأة له لما نهى عن المغالاة في المهر ..» الخ.

(٩) وفي رواية: حتى المخدرات في البيوت.