الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 260 - الجزء 1

  قلت: فظاهر كلامه هذا أن إجراء الحكم في الفرع مُسبب عن الحمل الذي هو وجوب المساواة، وعلى هذا ينبغي أن يقال: إن الباء في قول المُصَنِّف: «بإجراء حكمه عليه» للإلصاق، لا للسببية.

  ولو قيل في حد القياس: مساواة معلوم بمعلوم في إجراء حكمه عليه بجامع - لكان أولى، والله أعلم.

  وقوله: «معلوم على معلوم» المراد بالأول الفرع، وبالثاني الأصل؛ لأن القياس من أدلة الأحكام، فلا بد من حكمٍ مطلوب به⁣(⁣١) وله محل، والمقصود إثباته فيه⁣(⁣٢) لثبوته في محل آخر يقاس⁣(⁣٣) هذا به؛ ولذلك كان هذا فرعاً وذلك أصلاً؛ لحاجته إليه وانبنائه⁣(⁣٤) عليه.

  وإنما قال: «حمل معلوم على معلوم» ليشمل الموجود والمعدوم، ولو قال: «شيء على شيء» لم يدخل سِوى الموجود عنده، هكذا ذكره الإمام الحسن # في شرح الورقات على حد السبكي، والذي اختاره في شرح المعيار في حد القياس ما ذكرنا عنه أولاً، وقد علمت أنه قال: حمل الشيء على الشيء، قال: وقولنا: «شيء على شيء» يتناول جميع ما يجري فيه القياس من موجود ومعدوم، وممكن ومستحيل، والمستحيل وإن لم يكن شيئاً في الاصطلاح فهو شيء في اللغة.

  وقوله⁣(⁣٥): «بإجراء حكمه عليه بجامع» لأنه لا يمكن ذلك الإثبات في كل شيئين، بل إذا كان بينهما أمر مشترك، ولا في كل مشترك، بل مشترك يوجب


(١) أي: بالقياس.

(٢) أي: إثبات الحكم في المحل.

(٣) في (أ): «بقياس».

(٤) في (ج): «ابتنائه».

(٥) أي: في متن الكافل.