[الدليل الرابع القياس]
  قلت: فظاهر كلامه هذا أن إجراء الحكم في الفرع مُسبب عن الحمل الذي هو وجوب المساواة، وعلى هذا ينبغي أن يقال: إن الباء في قول المُصَنِّف: «بإجراء حكمه عليه» للإلصاق، لا للسببية.
  ولو قيل في حد القياس: مساواة معلوم بمعلوم في إجراء حكمه عليه بجامع - لكان أولى، والله أعلم.
  وقوله: «معلوم على معلوم» المراد بالأول الفرع، وبالثاني الأصل؛ لأن القياس من أدلة الأحكام، فلا بد من حكمٍ مطلوب به(١) وله محل، والمقصود إثباته فيه(٢) لثبوته في محل آخر يقاس(٣) هذا به؛ ولذلك كان هذا فرعاً وذلك أصلاً؛ لحاجته إليه وانبنائه(٤) عليه.
  وإنما قال: «حمل معلوم على معلوم» ليشمل الموجود والمعدوم، ولو قال: «شيء على شيء» لم يدخل سِوى الموجود عنده، هكذا ذكره الإمام الحسن # في شرح الورقات على حد السبكي، والذي اختاره في شرح المعيار في حد القياس ما ذكرنا عنه أولاً، وقد علمت أنه قال: حمل الشيء على الشيء، قال: وقولنا: «شيء على شيء» يتناول جميع ما يجري فيه القياس من موجود ومعدوم، وممكن ومستحيل، والمستحيل وإن لم يكن شيئاً في الاصطلاح فهو شيء في اللغة.
  وقوله(٥): «بإجراء حكمه عليه بجامع» لأنه لا يمكن ذلك الإثبات في كل شيئين، بل إذا كان بينهما أمر مشترك، ولا في كل مشترك، بل مشترك يوجب
(١) أي: بالقياس.
(٢) أي: إثبات الحكم في المحل.
(٣) في (أ): «بقياس».
(٤) في (ج): «ابتنائه».
(٥) أي: في متن الكافل.