الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 262 - الجزء 1

  قياساً على الصبح لما كان فرضاً لم يؤدَ على الراحلة»؛ لأنا نقول: إنه ملازمةٌ، والقياس لبيان الملازمة. وحاصله: لو لم يكن الوتر نفلاً لما كان يؤدى على الراحلة، واللازم منتفٍ، ثم يبين الملازمة بالقياس على فرض الصبح؛ فإنه لما كان لا يُؤدَّى على الراحلة كان واجباً، ولا شك أنا إذا فرضنا عدم تأدية الوتر على الراحلة، وثبت استلزامه للوجوب قياساً على صلاة الصبح - فإن التساوي بين الوتر وفرض الصبح في الوجوب حاصل، وإن لم يكن حاصلاً في نفس الأمر؛ فلم يخرج عن الحد، فكان الحد جامعاً مانعاً، ولَمَّا كان لا يعرف دخول العكس فيه إلا بدقيق النظر عدل الإمام المهدي # وصاحب الفصول عنه، وحَدّاه بأنه تحصيل مثل حكم الأصل أو نقيضه في الفرع؛ لاشتراكهما في علة الأصل، أو لافتراقهما فيها.

  واعلم أن المراد بوجوب التسوية المرادة في الحد «بالحَمْل» وجوبُ التسوية في الواقع، فيختص بالقياس الصحيح، هذا عند من يثبت ما لا مساواة فيه في الواقع قياساً فاسداً، وأما المُصوِّبة⁣(⁣١) فالقياس الصحيح عندهم ما حصلت فيه المساواة في نظر المجتهد، سواء ثبت في نفس الأمر أم لا، حتى لو تبيّن غلطه فوجب الرجوع عنه فإنه لا يقدح في صحته عندهم، بل ذلك انقطاع لحكمه بدليل صحيح آخر حدث، وكان قبل حدوثه القياسُ الأول صحيحاً وإن زالت صحته، بخلاف المخطئة⁣(⁣٢)، فإنهم لا يرون ما ظهر غلطه ووجب الرجوع عنه محكوماً بصحته إلى زمان ظهور خلافه، بل كان فاسداً وتبين فساده.


(١) وهم من يقولون: كل مجتهد مصيب. الدراري المضيئة.

(٢) وهم من يقولون: ليس كل مجتهد مصيبًا، بل المصيب واحد والمخالف مخطئ. دراري.