[ما يجوز فيه القياس]
  وفي الكفارات، كإيجاب الكفارة على المفطر بالأكل في رمضان قياساً على المفطر بالجماع، بجامع هتك حرمة الصوم بمُشتهى. وفي الرخص، كالفطر في سفر المعصية قياساً على سفر الطاعة، بجامع المشقة. وفي المقادير، كتقدير نصاب الخضروات ونحوها(١) بمائتي درهم قياساً على أموال التجارة، بجامع كون كل منهما مال مزكى لا نصاب له في نفسه.
  وثبوت الحكم في هذه الأربعة(٢) بالقياس، لا بالاستدلال على موضع الحكم بحذف الفوارق الملغاة(٣)، خلافاً للحنفية. قلنا: وجدت فيه شرائط القياس، فلا وجه للمنع، مع أنها ليست بأصول يمتنع إثباتها بالقياس كصلاة سادسة.
  ويجوز القياس فيما ليس الفرع فيه أولى بالحكم(٤)، خلافاً للقاساني والنهرواني(٥). ويجوز في أسباب الأحكام(٦) - وهي العلل - عند أكثر الشافعية، وهو المختار، خلافاً للحنفية وبعض الأشعرية كابن الحاجب، كقياس اللواط على الزنا في كونه سبباً لوجوب الحد، بجامع الإيلاج المُحرَّم، فلا وجه للمنع.
  قال في الفصول: والأظهر أن الخلاف في الشروط، كاشتراط النية في الوضوء قياساً على اشتراطِها في التيمم، والموانعِ(٧)، كقياس الأمومة على الأبوّة في كونها
(١) كالجواهر والمستغلات. الدراري المضيئة.
(٢) التي هي الحدود والكفارات والرخص والمقادير.
(٣) بأن يقال مثلاً: النص قد دلّ على وجوب الحد في الزنا، ولا فرق بين اللواط والزنا إلا كون اللواط في دبر الذكر والزنا في فرج المرأة، وهذا الفارق ملغى في الشرع، فيجب حذفه، فيتناول النص كلا المعنيين. الدراري المضيئة.
(٤) أي: من الأصل، بل هو إما مساوٍ، كقياس العبد على الأمة، أو دونه، كقياس النبيذ على الخمر في التحريم. الدراري المضيئة.
(٥) النهرواني: هو أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن داود النهرواني، علامة، أصولي، أديب، له كتاب الجليس الصالح، (ت ٣٩٠ هـ).
(٦) بأن يجعل الشارع وصفاً سبباً لحكم، فنقيس عليه وصفاً آخر، فيحكم بكونه سبباً. دراري.
(٧) معطوف على الشروط.