النسخ المعتمدة
  في حقه تعالى؛ إذ هي(١) مجاز في حقه تعالى، وعلاقته التشبيه لفعله بفعلِ ذي الحُنوِّ والشفقة؛ إذ يصح التشبيه إذا كان كذلك، وهو يصح(٢) إطلاقهما عليه تعالى في الأزل، فلو كان الأمر كما ذكروا للزم صحة وجود المُشتق قبل وجود المشتق منه(٣)، والله أعلم.
  قال الزمخشري(٤): والرحمن أبلغ من الرحيم؛ ولذا يقال: رحمن الدنيا والآخرة، ورحيم الآخرة. ولا يقال: فكان يجب تقديم رحيم؛ جرياً على قاعدة الترقّي، كما يقال: فلان عالم نحرير(٥)، وشجاع باسل(٦)، وجواد فيّاض؛ لأنا نقول: لما قال: الرحمن تَنَاول جلائل النعم وعظائمها، وأردفه برحيم على جهة التتمة لما دَقَّ ولَطُفَ. وقد ذكر القاضي عبدالله بن حسن الدواري(٧) في شرح الجوهرة أن الرحيم أبلغ، قال: لأن نظيره جاء كذلك؛ كعليم وقدير، بخلاف نحو: عطشان وسكران؛ وحينئذٍ فلا إشكال.
(١) أي: الرحمة. وهذا تعليل لعدم اشتقاقهما من الرحمة، قال المؤلف في شرح المصباح: وأما الرحمة فإنما أثبتت للباري على سبيل المجاز بعد وجود خلقه؛ تشبيهًا لفعله بفعل ذي الحنوِّ والشفقة؛ فلا يصح ادعاء اشتقاق الرحمن الرحيم منها. وقد بين عدم صحة الاشتقاق بقوله: «وهو يصح إطلاقهما ..» الخ.
(٢) قال في هامش (ج): يتحقق من قوله: يصح ... إلخ فإنه مشكّل عليه في نسخة المؤلف ¦.
(٣) يقال: إن من مذهبنا أن مثل «ضارب غداً» و «خالق ما سيكون» حقيقة، ولا يلزم محذور. منه.
(٤) هو العلَّامة النحرير والمفسر الشهير: محمود بن عمر الزمخشري، كان معتزلي العقيدة حنفي الفروع، (ت ٥٣٨ هـ).
(٥) النحرير: هو المُتقن، من نحر العلوم، إذا أتقنها.
(٦) باسل: من قولهم: بَسُلَ بَسَالاً أو بسالة إذ شَجُع وعبس عند الحرب. والباسل اسم من أسماء الأسد. المعجم الوسيط.
(٧) هو القاضي العالم الكبير عبدالله بن الحسن بن عطية بن محمد الدواري، (ت ٨٠٠ هـ)، وكان عمره ٨٥ سنة.