الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

مسألة: [أقسام العلة]:

صفحة 319 - الجزء 1

  لا بد أن يحصل⁣(⁣١) لنا دلالة أو أمارة في أن لها تأثيراً في الحكم، وأخص، وهو أن العلة المؤثرة ما دل عليها النص أو تنبيهه أو الإجماع، قال في الجوهرة: وحجة الإجماع. وذكر في الفصول أن الثابتة بحجة الإجماع ليست مؤثرة سمعية، بل هي مستنبطة: إما مناسبة أو شبهيِّة، كما ستعرف.

  والمناسبة: هي الظاهرة المنضبطة الثابتة بمجرد مناسبتها لحكمها عقلاً؛ لحصول مصلحة أو دفع مفسدة؛ كالإسكار للتحريم.

  والشَّبَهِيِّة: هي وصف يوهم المناسبة، ليس بمؤثر ولا مناسب عقلي، كالكيل والطهارة.

  وطريقهما: الاستنباط⁣(⁣٢). وتخص الأولى المناسبة العقلية، والثانية إيهامها. ويشتركان في السبرِ والتقسيم - وهو حجة الإجماع - والطردِ والعكس - وهو الدوران، وقد يسميه أصحابنا: الشبه - في أنهما⁣(⁣٣) يصحان طريقين لكل واحدة منهما⁣(⁣٤). وعلة الاستنباط طريق معتبرة عند مثبت العلل بالاستنباط سيما الأولى⁣(⁣٥). وسيأتي تحقيق هذه الثلاث واستيفاء أقسام لها إن شاء الله تعالى.

  والطردية: وصف ليس بمؤثر ولا مناسب ولا موهم للمناسبة، كقولهم احتجاجاً على الحنفية في منع إزالة النجاسة بالخل: مائع لا تبنى القنطرة⁣(⁣٦) على جنسه فلم يرفع النجاسة كالزيت، بخلاف الماء، وكقولهم في كون مس الذكر لا ينقض الوضوء: طويل مجوف فلا ينتقض الوضوء بلمسه كقصبة اليراع، ونحو ذلك. ويسمى: إلغاء المناط وتعطيل المناط، والطرد المهجور⁣(⁣٧).


(١) في (ج): «تحصل».

(٢) أي: طريق المناسبة والشبهية الاستنباط.

(٣) أي: السبر والتقسيم والطرد والعكس.

(٤) أي: من المناسبة والشبهية.

(٥) وهي المناسبة.

(٦) القنطرة: الجسر، وما ارتفع من البنيان. قاموس.

(٧) لإلغاء العلة وتعطيلها وهجرها عن العمل. شرح فصول.