مسألة: [أقسام العلة]:
  لا بد أن يحصل(١) لنا دلالة أو أمارة في أن لها تأثيراً في الحكم، وأخص، وهو أن العلة المؤثرة ما دل عليها النص أو تنبيهه أو الإجماع، قال في الجوهرة: وحجة الإجماع. وذكر في الفصول أن الثابتة بحجة الإجماع ليست مؤثرة سمعية، بل هي مستنبطة: إما مناسبة أو شبهيِّة، كما ستعرف.
  والمناسبة: هي الظاهرة المنضبطة الثابتة بمجرد مناسبتها لحكمها عقلاً؛ لحصول مصلحة أو دفع مفسدة؛ كالإسكار للتحريم.
  والشَّبَهِيِّة: هي وصف يوهم المناسبة، ليس بمؤثر ولا مناسب عقلي، كالكيل والطهارة.
  وطريقهما: الاستنباط(٢). وتخص الأولى المناسبة العقلية، والثانية إيهامها. ويشتركان في السبرِ والتقسيم - وهو حجة الإجماع - والطردِ والعكس - وهو الدوران، وقد يسميه أصحابنا: الشبه - في أنهما(٣) يصحان طريقين لكل واحدة منهما(٤). وعلة الاستنباط طريق معتبرة عند مثبت العلل بالاستنباط سيما الأولى(٥). وسيأتي تحقيق هذه الثلاث واستيفاء أقسام لها إن شاء الله تعالى.
  والطردية: وصف ليس بمؤثر ولا مناسب ولا موهم للمناسبة، كقولهم احتجاجاً على الحنفية في منع إزالة النجاسة بالخل: مائع لا تبنى القنطرة(٦) على جنسه فلم يرفع النجاسة كالزيت، بخلاف الماء، وكقولهم في كون مس الذكر لا ينقض الوضوء: طويل مجوف فلا ينتقض الوضوء بلمسه كقصبة اليراع، ونحو ذلك. ويسمى: إلغاء المناط وتعطيل المناط، والطرد المهجور(٧).
(١) في (ج): «تحصل».
(٢) أي: طريق المناسبة والشبهية الاستنباط.
(٣) أي: السبر والتقسيم والطرد والعكس.
(٤) أي: من المناسبة والشبهية.
(٥) وهي المناسبة.
(٦) القنطرة: الجسر، وما ارتفع من البنيان. قاموس.
(٧) لإلغاء العلة وتعطيلها وهجرها عن العمل. شرح فصول.