مسألة: [طرق العلة]:
  الحكم الذي في الأصل(١). وبه(٢) قال أبوعبدالله إذا كانت العلة علة تحريم، ثم اختلفوا، فمقتضى كلام الكرخي وأبي هاشم أن إلحاق ما وجدت فيه العلة بموضع النص ليس من باب القياس، ولكنه كالمنصوص عليه، وهو مقتضى تعليل النَّظَّام. وظاهر قول الآخرين أن ذلك من باب القياس. ولا تنافي هذه الرواية عن النَّظَّام إنكاره للقياس؛ إذ لم يجعل هذا من باب القياس، بل النص كما ترى.
  لنا على ما ذهب إليه القاضي: أن مجرد النص عليها لا يكفي في تعديتها؛ إذ العلة الشرعية إنما هي داعية إلى الحكم، ولا يلزم فيما دعى إلى أمر أن يدعو إلى أمثاله، فلا يلزم من قوله: «حرمت السكر لكونه حلواً» تحريم كل حلوٍ؛ لجواز أن يصحب الحلاوة في غيره ما يبطل به وجه تحريم الحلاوة، وللقطع بأن قول من قال: «أعتق غانماً لحسن خلقه» لا يقتضي عتق غيره من حَسَني(٣) الخلق.
  فأما بعد ورود التعبد بالقياس جملة فيلزم لأجله تعديها؛ إذ ذلك فائدة النص على التعبد بالقياس.
  ولا وجه لما ذكره أبوعبدالله من الفرق بين علة الوجوب والندب وبين علة التحريم؛ إذ الترك كالفعل في التعبد، فالفرق تحكم مع الاستواء.
  (و) الثاني من قسمي النص وهو (غير الصريح: ما) لزم مدلول اللفظ و (فهم منه التعليل لا على وجه التصريح، ويسمى: تنبيه النص) وإيماء النص، وهو أنواع، منها: ما اقترنت فيه العلة بحكم لو لم تكن هي أو نظيرها علة له لكان ذكر الشارع لذلك الحكم بعيداً(٤)، فيحمل على التعليل دفعاً للاستبعاد،
(١) وإن لم يرد التعبد بالقياس جملة وتفصيلاً؛ إذ النص عليها كالنص على فروعها. هامش (أ).
(٢) سقط من (ج): «به».
(٣) في (ب): «حسناء».
(٤) يعني: أنه التنبيه والإيماء: وهو أن يقترن حكم بوصف لو لم يكن هو أو نظيره للتعليل لكان ذلك الاقتران بعيداً وقوعه من الشارع؛ لفصاحته وإتيانه بالألفاظ في مواقعها، ولتنزه كلامه عما لا فائدة له، وفراراً من إخلاء السؤال عن الجواب وتأخير البيان عن وقت الحاجة، فيكون =