الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 327 - الجزء 1

  فاقتران عينها (مثل) قوله ÷: («أعتق رقبة»، جواباً لمن قال) وهو الأعرابي: هلكتُ وأهلكت، فقال له ÷: «ماذا صنعت؟»، فقال: (جامعت) أو واقعت (أهلي في نهار رمضان) أو وأنا صائم على اختلاف الروايتين، فإنه يدل على أن الوقاع علة للإعتاق؛ وذلك لأن عَرْض⁣(⁣١) الأعرابي واقعته لبيان حكمها، وذكر الحكم جوابٌ له ليحصل غرضه؛ لئلا يلزم إخلاء السؤال عن الجواب أو⁣(⁣٢) تأخير البيان عن وقت الحاجة، فيكون السؤال مقدراً في الجواب، كأنه قال: إذا واقعت فكفِّر، وقد عرفت أن ذلك⁣(⁣٣) للتعليل، فكذا هذا، لكنه دونه في الظهور؛ لأن الفاء هاهنا مقدرة وثَمَّ محققة، ولاحتمال عدم قصد الجواب، كما يقول العبد: طلعت الشمس، فيقول السيد: اسقني ماء.

  واعلم أن مثل هذا إذا تعددت أوصافه، واحتمل أن يكون علة الحكم مجموعها أو بعضها، ثم اعتبر بعض وأُلغي بعض بدليلي الاعتبار والإلغاء - سُمّي: تنقيح المناط وتهذيبه وتجريده، مثاله في قصة الأعرابي أن يقال: كونه أعرابيًّا لا مدخل له في العلة؛ إذ الهندي والأعرابي حكمهما في الشرع واحد. والظاهر أن التنقيح يجري في المؤثرة التي طريقها النص إذا كان ظاهراً لا صريحاً، ومن أمثلة هذا قوله ÷ - جواباً لمن قال: أيجوز بيع الرطب بالتمر؟: «أينقص إذا جف»؟ قالوا: نعم، قال: «فلا إذاً». فوقف الحكم على العلة التي قررها⁣(⁣٤). ومن أمثلته: ما روي أنه ÷ امتنع عن الدخول على قوم عندهم كلب، فقيل له: إنك تدخل على آل فلان وعندهم هرة! فقال:


= السؤال مقدراً في الجواب، فكأنه قيل: إذا واقعت فكفّرت. هداية العقول ٢/ ٥٥٥ مع زيادة. نقلاً من هامش مرقاة الوصول للسيد داود، مركز الإمام عز الدين بن الحسن (ع).

(١) أي: عرضها على النبي ÷.

(٢) في (ب): «وتأخير».

(٣) أي: دخول «الفاء» في «واقعت فكفر».

(٤) السائل. هامش (أ).