مسألة: [طرق العلة]:
  حيث قال: يحصل عقلاً من ترتيب الحكم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً، أي: للعقلاء لا للشارع؛ لأنه يلزم الدور من الأول؛ إذ كونه باعثاً على الحكم - بمعنى: أنه يحصل من ترتيب الحكم عليه ما يكون مقصوداً من شرعية الحكم - إنما يُعرف بكونه مناسباً، فلو عرف كونه مناسباً بذلك كان دوراً، والمقصود إما حصول مصلحة - وهي اللذة ووسيلتها - أو دفع مفسدة - وهي الألم ووسيلته - وكلاهما نفسي وبدني، دنيوي وأخروي.
  وإنما كانت هذه الأمور مقصودة للعقلاء لأن العاقل إذا خُيِّر اختار المصلحة ودَفْع المفسدة، وما هو كذلك فإنه يصلح مقصوداً قطعاً. واحترز بقوله: «عقلاً» عن الشبه.
  (فإن كان) الوصف الذي رتب عليه الحكم (خفيًّا أو غير منضبط) - وهو المنتشر - لم يعتبر؛ لأنه لا يُعلم فكيف يُعلم به الحكم؟ و (اعتبر) حينئذٍ في العلّيّة(١) (ملازمه و) هو (مظنته) فالخفيُّ كالعمدية المناسبة للقصاص؛ لأن القصد وعدمه أمر نفسي لا يُدرك شيء منه، فنيط القصاص بما يلازم العَمْديَّة من أفعال مخصوصة، يُقضى(٢) في العرف عليها بكونها عمداً، كاستعمال الجارح في المَقْتل؛ لأنه مظنته. وغيرُ المنضبط (كالسفر للمشقة) المناسبة للقصر تحصيلاً لمقصود التخفيف، ولا يمكن اعتبارها بعينها؛ لأنها غير منضبطة؛ لأنها ذات مراتب تختلف بالاشخاص والأزمان، ولا يُناط الترخيص بالكل، ولا يمتاز البعض بنفسه(٣)، فنيط الترخيص بما يلازمه، وهو السفر.
(١) في (أ): «العلة».
(٢) في (ج): «يقضي العرف».
(٣) في (أ): لنفسه.