[الدليل الرابع القياس]
  المعاملات، فإن المعاوضة في هذه العقود ليست بحيث لو لم تُشرع لأدى إلى فوات شيء من الضرورات الخمس. ومصالح النكاح غير ضرورية في الحال، إلا أن الحاجة إليه حاصلة، وهو تحصيل الكفؤ الذي لو فات لربما فات لا إلى بدل، إلا أنها ليست في مرتبة واحدة؛ فإن الحاجة تشتد وتضعف، وبعضها آكد من بعض، وقد يكون بعضها ضرورياً في بعض الصور، كالإجارة في تربية الطفل الذي لا أم له ترضعه، وكذا(١) المطعوم والملبوس فإنه ضروري من قبيل(٢) حفظ النفس، ولذلك لم تَخْلُ عنه شريعة، وإنما أطلقنا عليها الحاجي باعتبار الأغلب.
  ومكمل(٣) له، كوجوب رعاية الكفاءة ومهر المِثْل في الولي إذا زوَّج الصغيرة، فإن أصل المقصود من(٤) شرع النكاح وإن كان حاصلاً بدونهما لكنه أشد إفضاءً إلى دوام النكاح، وهو من مكملات مقصود النكاح.
  القسم الثالث(٥): ما يقع في محل التحسين، ويلقب بالعادي، وهو ما تدعو إليه رعاية محاسن العادات، لا الضرورة ولا الحاجة. ورتبته دونهما، وهو ضربان: ما لا يعارض القواعد المعتبرة، كتقييد النكاح بالشهادة، وسلب الرِّق أهليتها(٦) وإن كان ذا دين وعقل كالحر، لكنه سُلب ذلك لنقصه عن المناصب الشريفة؛ ليكون الجري على ما أُلِفَ من محاسن العادات أن(٧) يعتبر في المناصب المناسبة، فإن السيد إذا كان له عبد ذو فضائل، وآخر دو نه فيها -
(١) لفظ القسطاس والفصول: وكشراء المطعوم والملبوس.
(٢) في (ب): «فإنه ضروري قِبَل حفظ النفس».
(٣) هذا هو الضرب الثاني من الحاجي.
(٤) في (أ): «هو».
(٥) من أقسام الحقيقي العقلي.
(٦) أي: كسلب العبد أهلية الشهادة.
(٧) في (أ) و (ب): «وإن لم يعتبر».