الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 363 - الجزء 1

  وإنما دقَّ الفرق وصَعُب حدُّه لأنه⁣(⁣١) منزلةٌ بين المناسب والطردي، يشبه كلاً منهما من وجهٍ ويخالفه من آخر، فيشبه الطردي من حيث إنه غير مناسب، ويشبه المناسب من حيث التفات الشارع إليه. وهو⁣(⁣٢) فوق الطردي ودون المناسب، ولا يصار إليه مع إمكان المؤثرة والمناسبة إجماعاً.

  فإن تعذَّرتا⁣(⁣٣) فقال أئمتنا $ والجمهور: إنه يصح التعليل بها⁣(⁣٤)، وقال أبو زيد⁣(⁣٥) وأصحابه والباقلاني وبعض الشافعية: لا يصح، قالوا: لأنه إما أن يكون مناسباً أوْ لا يكون، الأول مجمع على قبوله، والثاني هو الوصف الطردي، وهو مجمع على ردّه، فشيء منهما لا يكون شبهيًّا؛ لأن الشبه مختلف فيه إجماعاً.

  قلنا: إنا نختار أنه⁣(⁣٦) مناسب، والمجمع⁣(⁣٧) عليه إنما هو المناسب لذاته، لا لدليل منفصل. أو لا مناسب ولا طردي، كالذي نحن فيه، ولا نُسلِّم⁣(⁣٨) قولك: إنه طردي؛ لأنه⁣(⁣٩) واسطة بينهما⁣(⁣١٠)، يتميز عن كل بما ذكرناه أولاً.

  قلت: وهذه العلة الثابتة بالشبه هي الشبهية التي ذكرنا فيما تقدم أنها أحد أقسام العلة؛ وإنما سميت شبهية لما فيها من إيهام المناسبة لحكمها، وهو⁣(⁣١١) يقتضي ظن اعتبارها كالمناسِبة، وعدم مناسبتها⁣(⁣١٢) عقلاً يقتضي عدم ...


(١) أي: الشبه.

(٢) أي: الشبه.

(٣) أي: المؤثرة والمناسبة.

(٤) أي: بالشبهية.

(٥) أي: الدبوسي، وقد تقدمت ترجمته.

(٦) أي: الشبه.

(٧) هذا رد على قولهم: الأول مجمع عليه، أي: أن المجمع عليه هو المناسب الذاتي لا المناسب لدليل منفصل الذي اخترنا بأن الشبه نوع منه. بالمعنى من الدراري المضيئة.

(٨) يعني وإذا سلمنا أن الشبه ليس بمناسب فلا نسلم أنه يكون طرديًّا؛ لأنه واسطة ... إلخ. الدراري المضيئة.

(٩) أي: الشبه.

(١٠) أي: بين الطردي والمناسب.

(١١) أي: إيهام المناسبة لحكمها.

(١٢) أي: لحكمها.