الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 364 - الجزء 1

  ظن اعتبارها كالطردية، فاشتبه أمرها.

  ولاعتبار الجمهور لها⁣(⁣١) توهم بعضهم أن بينها وبين الطردية فرقاً ذاتيًّا كالمناسبة⁣(⁣٢)، وهو فاسد؛ لأنهما من جنس واحد، وإنما افترقا لما في الشبهية من إيهام المناسبة، بخلاف الطردية⁣(⁣٣).

  قلت: فهذا تحقيق ما ذكره العلماء في الدوران والشبهية، وإنما أطنبنا فيه بعض إطناب لخفائه وصعوبته على كثير من ذوي الألباب، وإن كان دأبنا مراعاة حق الوعد من الاختصار والميل عن الإكثار، وأنت خبير بأن المُصَنِّف ¦ جمع بين الشبه والدوران في حد واحد، ولم أرَ أحداً فعل هكذا، و جعل المثالين للشبه الثابت بالدوران، وصاحب الفصول جعلهما مثالين للشبهية غير مقيدة⁣(⁣٤)، وجعل الإمام المهدي # الكيل مثالاً للدوران، وجعل ابن الحاجب الطهارة مثالاً للشبه.

  فأما باعتبار التسمية فلا مِرْية في أن أصحابنا يسمون الدوران بالشبه، وقد ذكر غير واحد من العلماء أن الدوران من المسالك إلى الشبهية كما مر، فالغرابة فيما ذكره المُصَنِّف من جهة الجمع والقصر.

  نعم، قد يقال: إنه لا غرابة من جهة الجمع؛ لما مر من كلام سعد الدين صريحاً - وهو ظاهر كلام ابن الحاجب - أن عِلّيِّة الشبه لا ثبوت لها إلا بشيء من المسالك. وأما من جهة القصر فلعله يريد أنه إنما يَضْعُف الشبه حيث يثبت بالدوران لا بغيره من أي المسالك، غير أن أخذ هذا المعنى من عبارة المؤلف لا يخلو من⁣(⁣٥) بُعْدٍ. والله أعلم.


(١) أي: الشبهية.

(٢) أي: لاعتبار الشبهية ورد الطردية توهم أن بينهما فرقاً ذاتياً لأجله قبلت إحداهما وردت الاخرى، كالمناسبة فإنها مفارقة للطردية. الدراري المضيئة.

(٣) فإنه لا إيهام فيها للمناسبة رأساً.

(٤) في (ج): للشبه غير مقيد.

(٥) في (ج): عن.