الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الاعتراضات]

صفحة 371 - الجزء 1

  المعترض تمكّن المستدل من القياس مطلقًا فهو فساد الاعتبار، سُمِّيَ بذلك لأن اعتبار القائس⁣(⁣١) في مقابلة النص باطل، وإن كان وضعه وتركيبه صحيحاً؛ لكونه على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتب الحكم عليه.

  وإن مَنَع المستدل من القياس المخصوص فهو فساد الوضع؛ كأن المعترض يدّعي أن المستدل وضع في المسألة قياساً لا يصح وضعه فيها. فهذان نوعان: الأول منهما: (فساد الاعتبار، وهو مخالفة القياس للنص). وجواب هذا الاعتراض بأحد وجوه: الأول: الطعن في سند النص - إن لم يكن متواتراً - بأنه مرسل، أو موقوف، أو منقطع، أو راويه ليس بعدل.

  الثاني: منع ظهوره فيما يدعيه، كمنع عموم أو مفهوم، أو كدعوى إجمال.

  الثالث: أن يسلم ظهوره ويدعي أنه مؤول والمراد غير ظاهره؛ لتخصيص أو مجاز أو إضمار؛ بدليل يرجحه على الظاهر.

  الرابع: القول بالموجَب⁣(⁣٢)، بأن بقّاه على ظاهره، وادعى أن مدلوله لا ينافي حكم القياس.

  الخامس: المعارضة بنص آخر مثله؛ حتى يتساقط النصان فَيَسْلم قياسه.

  السادس: أن يبين أن قياسه مما يجب ترجيحه على النص؛ إما لأنه أخص من النص فيقدم؛ لما⁣(⁣٣) سيأتي في تخصيص النص بالقياس، وإما لأنه مما يثبت حكم أصله بنص أقوى، مع القطع بوجود العلة في الفرع، ومثله يُقدَّم على النص.

  واعلم أنا لا نريد أن كل نص يمكن فيه هذه الوجوه⁣(⁣٤)، بل قد يمكن بعضها


(١) في (ج) «القياس».

(٢) أي: بموجب النص، وهو تسليم مدلول الدليل من المعارض للمستدل مع بقاء المنازعة. مرقاة الوصول للسيد داود.

(٣) في (ج): «بما».

(٤) في (أ): «القيود».