[الاعتراضات]
  النقض بعد منع المستدل وجوده فيها أو قبله؟ قيل: نعم؛ إذ بوجود الوصف في صورة النقض يحصل النقض، فيتم إبطال دليل الخصم، فكما أنه يُمكَّن من الإبطال فكذا من مُتَمِّماته. وقيل: لا؛ لأنه انتقال من الاعتراض إلى الاستدلال. وقيل: إن كان الجامع حكماً شرعيًّا فلا؛ لأن الاشتغال بإثبات حكم شرعي هو الانتقال بالحقيقة، وإلا يكن حكماً شرعيًّا فللمعترض أن يقيم الدليل على وجوده؛ لأن كون هذا تتميماً لمطلوبه لا انتقالًا إلى آخر - أمرٌ(١) ظاهرٌ. فإذا كان المستدل قد أقام على وجود العلة في الأصل دليلاً موجوداً في محل النقض، ونقض المعترض العلة، فقال المستدل: لا نسلم وجودها، فقال المعترض: فينتقض دليلك بوجوده(٢) في محل النقض بدون مدلوله، وهو وجود العلة(٣) - فقال(٤) الجدليون: لا يُسمع هذا من المعترض؛ لأنه انتقل من نقض العلة إلى نقض دليلها. ونُظِّر بأن القدح في دليل العلة قدح في العلة، والقدح في العلة مطلوب المعترض؛ فلا انتقال. هذا إذا ادعى انتقاض دليل العلة معيناً، ولو ادّعى أحد الأمرين فقال: يلزم إما انتقاض العلة، وإما انتقاض دليلها، وكيف كان فلا تثبت العلّيّة: أما إذا كان اللازم انتقاض العلة فلأن النقض يبطل العلّيّة، وحيث كان اللازم انتقاض دليلها فلأنه لا بد لثبوت العلّيّة من مسلك صحيح - كان(٥) مسموعاً بالاتفاق؛ فإن عدم الانتقال فيه ظاهر.
(١) خبر أنّ.
(٢) في (ج) لوجوده.
(٣) ومثال هذا: قول الحنفي في صوم الفرض إذا نوى قبل الزوال: أتى بمسمى الصوم فيصح كما لو بيّت، وإنما قلنا: أتى بمسمى الصوم لأنه عبارة عن الإمساك من أول النهار إلى آخره مع النية، فينقضه المعترض بما إذا نوى بعد الزوال، فإنه آتٍ بمسمى الصوم، فمنع المستدل وجود العلة بما إذا نوى بعد الزوال، فقال المعترض: هذا المنع ينقض دليلك المذكور على وجود علة صحة الصوم فيما إذا نوى قبل الزوال. من هامش القسطاس.
(٤) هذا جواب «إذا» في قوله: «إذا كان المستدل ..» الخ.
(٥) هذا جواب «لو» في قوله: «ولو ادعى أحد الأمرين ..» الخ.