الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 386 - الجزء 1

  وعلى الثاني - وهو منع عدم الحكم في صورة النقض - هل للمعترض أن يقيم الدليل على عدم الحكم؟ قيل: نعم؛ إذ به يحصل مطلوبه. وقيل: لا؛ لأنه انتقال (وذلك)⁣(⁣١) الإشارة في هذا المقام لا ينبغي؛ لأن هذا جواب مستقل بعد تحقق النقض، وما تقدم لمنعه بالأصالة، فحيث تحقق النقض يكون الجواب (بإبداء مانع) وهو بيان وجود معارض (في محل) النقض اقتضى نقيضَ (الحكم) كنفي الوجوب للوجوب، أو خلافه⁣(⁣٢)، كالحرمة للوجوب. واقتضاء المعارض لنقيض الحكم أو خلافه قد يكون لتحصيل مصلحة أولى⁣(⁣٣)، أو دفع مفسدة أوكد، فتحصيل المصلحة (كما في العرايا(⁣٤) إذا أوردت على الربويات؛ لعموم الحاجة إلى الرطب) والتمر (وقد لا يكون عندهم ثمن) آخر (غير التمر، فالمصلحة في جوازها) أولى و (أرجح) وهذا من قبيل نقيض الحكم؛ باعتبار وجوب التساوي وعدمه، أو حرمة التفاضل وعدمها (أو نحو ذلك) مما كان ذلك فيه لتحصيل مصلحة، كضرب الدية على العاقلة إذا أورد على الزجر⁣(⁣٥)، شرع الدية⁣(⁣٦) لمصلحة أولياء المقتول، مع عدم تحميل القاتل ما لم يقصد به القتل، أو بكون أوليائه يغنمون بكونه مقتولاً فليغرموا بكونه قاتلاً؛ ولذلك قال ÷: «مَالَكَ غُنْمُه فعليك غُرْمُهُ».


(١) قال في شفاء غليل السائل: «ذلك» أي: كون الجواب بما تقدم من منعه بالأصالة. ثم علق على هذا الكلام بقوله: وبما ذكرنا يندفع ما أشار إليه بعض الشارحين من أن الإشارة ليست في محلها؛ لأنها إشارة إلى الجواب الثالث وهو مستقل بعد تحقق النقض، وما تقدم لمنعه بالأصالة، فتأمل. والله أعلم. انظر ١/ ٢٣٦ ط ١ مكتبة أهل البيت $.

(٢) عطف على «نقيض» في قوله: «اقتضى نقيض الحكم».

(٣) أي: من مصلحة الحكم المنقوض.

(٤) وهي بيع الرطب في رؤوس النخيل بخرصه تمراً مؤجلاً.

(٥) أي: للقاتل.

(٦) لفظ شفاء غليل السائل للطبري: إذا ورد على أن شرع الدية للزجر الذي ينافيه عدم الوجوب على القاتل، فجوابه: بأن ذلك لمصلحة أولياء المقتول مع عدم قصد القاتل ومع كون أوليائه يغنمون بكونه مقتولاً فيغرمون بكونه قاتلاً. ١/ ٢٣٦ ط ١ مكتبة أهل البيت (ع).