[الاعتراضات]
  (و) أما دفع المفسدة فهو (كتحريم أكل الميتة) إذا علل بقذارتها، فهو (إذا أورد عليه المضطر(١)) قيل: ذلك لدفع المفسدة (إذ مفسدة هلاك النفس أعظم من مفسدة أكل المستقذر). وهذا من قبيل خلاف الحكم؛ لأن الإباحة خلاف الحرمة. قال ابن الحاجب: فإن كان التعليل بظاهر عامٍّ فلا يجب إبداء المانع بعينه، بل يحكم بتخصيصه بغير محل النقض، ويقدر المانع، كحدوث مصلحة أو دفع مفسدة، فيكون تخصيصاً للعموم لا للعلة كما تقدم.
[الرابع عشر: الكسر]
  التاسع منها (و) هو (الرابع عشر) من الاعتراضات: (الكسر(٢) ، وحاصله: وجود الحكمة المقصودة من الوصف في صورة مع عدم الحكم فيها، كما لو قيل: إن الترخيص في الإفطار في السفر لحكمة المشقة، فيكسر بصنعةٍ شاقة في الحضر) كحمل الأثقال. وقد اختلف في أنه هل يبطل العلّيّة؟ والمختار: أنه لا يبطلها، فلا يسمع إلا إذا علم وجود قدر الحكمة أو أكثر، ولم يثبت حكم آخر ألْيق بتحصيل تلك الحكمة منه، كما إذا قال المعلل: إنما تُقطع اليد باليد للزجر، فيقول المعترض: حكمة الزجر قائمة في القتل العمد العدوان مع أنه لا قَطْع، فيجيب المعلل: بأنه قد شرع فيه حكم آخر هو ألْيق وأشد زجراً من القطع، وهو القتل. فأما مع ثبوت مثل ذلك، وكذا إذا لم يعلم وجود قدر الحكمة، كما في المثال الأول؛ لعسر ضبط المشقة؛ لاختلاف مراتبها بحسب الأشخاص والأحوال والأزمان - فإنه لا يبطل العلّيّة.
(١) بأنه يجوز له أكلها.
(٢) هو أن يظن القائس أن لبعض الأوصاف تأثيراً في الحكم فيجعله جزءًا في العلة، والمعترض يظن أنه لا تأثير له فيسقطه ويكسر الباقي من الأوصاف، مثل أن يستدل على وجوب تعيين النية في صوم رمضان بأنه صوم مفروض فافتقر إلى تبييتها كالقضاء، فيظن المعترض أنه لا تأثير للصوم في ثبوت الحكم، وأن المؤثر ما عداه فلا يعتبر، ثم يكسرها بالحج؛ فإنه لا يجب فيه التعيين (أي: التبييت)؛ إذ لو أهلّ بإحرام فلان وهو لا يعلمه أجزى. مرقاة السيد داود ص ٤٦٥ ط/الأولى.