الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الدليل الرابع القياس]

صفحة 390 - الجزء 1

  وإذا قد عرفت أن المعارضة مقبولة فالجواب عليها من وجوه: منها: منع وجود الوصف، مثل: أن يعارض القوت بالكيل (فيقول المستدل: لا نسلّم أنه مكيلٌ؛ لأن العبرة بعادة زمن النبي ÷، ولم يكن مكيلاً يومئذٍ) بل كان موزوناً. (أو) يجيب بوجه ثانٍ، وهو أن (يقول: ولِمَ قلت: إن الكيل مؤثر؟ وهذا الجواب هو) المسمى بِـ (ـالمطالبة) لمطالبة المستدل بكون وصف المعارض مؤثرًا كما ذكرنا (و) هذا (إنما يُسمع من المستدل حيث كان ثبوت العلّيّة بالمناسبة) حتى يحتاج المعارض في بيان معارضته إلى بيان مناسبته (لا) إذا أثبت المستدل كون الوصف علة (بالسبر)، فعارضه المعترض بوصف آخر (فلا تسمع) المطالبة⁣(⁣١) بالتأثير؛ لأن السبر كافٍ في الدلالة على العلّيّة بدون التأثير.

  (وللمعارضة جوابات أُخَر) غير هذين المذكورين، منها: بيان خفائه. ومنها: عدم انضباطه.

  ومنها: منع ظهوره. ومنها: منع انضباطه؛ لما علمت أن الظهور والانضباط شرط في الوصف المعلل به، فلا بد في دعوى صلوح الوصف علةً من بيانهما. وللصادِّ عنهما أن يبيِّن عدمهما، وأن يطالب ببيان وجودهما.

  ومنها: أن يبيِّن كون الوصف المعارض ملغى. ولا يقبل الإلغاء لضعف الحكمة التي تضمنها المظنة، مثاله: أن نقول: الردة علة القتل، فيقول المعترض: بل مع الرجولية؛ لأنها مظنة الإقدام على قتال المسلمين؛ إذ يُعتاد ذلك من الرجال دون النساء، فيجيب المستدل: بأن الرجولية وكونها مظنة الإقدام لم⁣(⁣٢) تعتبر، وإلا لم يقتل مقطوع اليدين؛ لضعف احتمال الإقدام فيه، بل هو أضعف من احتماله في النساء. وهذا لا يقبل منه حيث سلّم أن الرجولية مظنة


(١) من المستدل.

(٢) في (ج): «لا».