الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الاعتراضات]

صفحة 398 - الجزء 1

[ما يرد من الاعتراضات على المقدمة الرابعة]

[الحادي والعشرون: دعوى المخالفة بين حكم الأصل وحكم الفرع]

  وأما ما يرد على المقدمة الرابعة من مقدمات القياس، وهي قوله: فيوجد الحكم في الفرع - فاعتراضان، ولما قام عليه الدليل⁣(⁣١) فلا سبيل إلى منعه، بل يدعي المخالفة بين حكم الأصل وحكم الفرع، ومن شرطه المماثلة؛ لما عرفت من أن القياس إثبات مثل حكم الأصل في الفرع، ويُثبت المخالفة: إما مقتصراً عليها، أو مدعياً أن دليلك يقتضيها، ويسمى هذا: قلباً، وحاصل ذلك اعتراضان كما ذكرنا؛ لأن بيان المخالفة إما بدليل المستدل، وهو القلب، أو بغيره، ولا اسم له بخصوصه. فالقلب ستعرفه، وأما هذا فهو الأول منهما، وهو (الحادي والعشرون) من الاعتراضات، وهو (دعوى المخالفة بين حكم الأصل وحكم الفرع، مثاله: أن يقاس النكاح على البيع(⁣٢) ، أو البيع(⁣٣) على النكاح) في عدم الصحة (بجامع في صورة) فالمستدل حين حاول إلحاق النكاح بالبيع أو العكس فقد أثبت في الفرع حكماً مماثلاً لحكم الأصل. (فيقول المعترض) بعد تسليم علة الأصل في الفرع: (الحكم مختلفٌ؛ فإن معنى عدم الصحة في البيع حرمة الانتفاع بالمبيع، وفي النكاح حرمة المباشرة، وهما مختلفان) حقيقة، وإن تساويا بدليلك صورةً، والمطلوب مساواته له حقيقة، فما⁣(⁣٤) هو مطلوبك غيرُ ما أفاده دليلك، والدليل إذا نُصِبَ في غير محل النزاع كان فاسداً؛ لأن المقصود منه إثبات محل النزاع.


(١) وهو القياس.

(٢) بأن يقال: عقد يملك به البُضع، فلا يصح من دون إيجاب وقبول، فقد أثبت في الفرع حكماً مماثلاً لحكم الأصل.

(٣) أي: بأن يقاس البيع على النكاح في عدم حل الانتفاع بمجرد المعاطاة.

(٤) «ما» موصولة مبتدأ، خبره قوله: «غير».