الأنوار الهادية لذوي العقول،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

[الاعتراضات]

صفحة 400 - الجزء 1

  ومذهب الشافعي أنه يكتفى بالأقل، ولم يثبته القلب.

  الضرب الثالث: قلب لإبطال مذهب الخصم التزاماً، مثاله أن يقول الحنفي: بيع غير المرئي بيع معاوضة، فيصح مع الجهل بأحد العوضين كالنكاح. فيقول الشافعي: فلا يثبت فيه خيار الرؤية كالنكاح.

  ووجه ورود قول الشافعي هذا⁣(⁣١): أن من قال بصحة بيع المجهول قال بخيار الرؤية، فكان خيار الرؤية لازمًا للصحة عنده، فإذا انتفى اللازم - وهو خيار الرؤية - انتفى الملزوم، وهو الصحة. فالمستدل حين حاول في الضرب الأول إلحاق الاعتكاف بالوقوف بعرفة في عدم كونهما قربة، بجامع كونهما لُبثاً - فقد أثبت حكماً مماثلاً لحكم الأصل، لكن المعترض بَيّن مخالفتهما بأن كون الاعتكاف ليس قربة بمجرده معناه⁣(⁣٢): أنه يشترط فيه الصوم، وكون الوقوف كذلك مقرون بأنه لا يشترط فيه الصوم، فيتخالفان. وكذا في مسألة مسح الرأس، قصد المستدل تماثل الحكمين؛ إذ حقيقتهما عدم الاكتفاء بالأقل، والمعترض بيّن مخالفتهما بأن معناه في الفرع: التقدير بالربع، وفي الأصل عدم التقدير به. وكذا في مسألة بيع الغائب، قَصْدُه تماثل الحكمين؛ إذ حقيقتهما الصحة مع الجهل بأحد العوضين، وقصد المعترض بيان مخالفتهما بأنها في الفرع مقرونة بخيار الرؤية، لا في الأصل. والجامع في قياس المستدل والمعترض في جميع الصور الثلاث واحد؛ فيكون مقلوباً.

  (وهو) أي: القلب كما بيّناه (أقسام) ثلاثة. (و) الحق أن أقسامه (كلها) وإن عُدَّ سؤالاً برأسه (ترجع إلى المعارضة) لأن المعارضة دليل يثبت به خلاف حكم المستدل، والقلب كذلك، إلا أنه نوع من المعارضة مخصوص؛ فإن الأصل والجامع فيه مشترك بين قياسي المستدل والمعترض.

  وفائدة ذلك: أنه يجيء الخلاف في قبوله، ويكون المختار قبوله، إلا أنه أولى


(١) سقط من (ج): «هذا».

(٢) أي: علته.