[الاعتراضات]
  ذلك أيضاً محل النزاع؛ إذ لا يلزم من عدم منافاته للوجوب أن يجب. (ونحو ذلك) أي: نحو هذا الوجه الأول، وهو الوجه الثاني والثالث.
  فالثاني: أن يستنتج من الدليل إبطال أمر يتوهم أنه مأخذ(١) الخصم ومبنى مذهبه في المسألة، والخصم يمنع كونه مأخذاً لمذهبه، فلا يلزم من إبطاله إبطال مذهبه. مثاله أن يقول الشافعي في المثال المتقدم - وهو مسألة القتل بالمثقل -: التفاوت في الوسيلة(٢) لا يمنع القصاص، كالمتوسل إليه، وهو أنواع الجراحات القاتلة. فيرد القول بالموجب، فيقول الحنفي: الحكم لا يثبت إلا بارتفاعِ جميع الموانع، ووجودِ الشرائط بعد قيام المقتضي، وهذا غايته عدم مانع خاص، ولا يستلزم انتفاء بقية الموانع، ولا وجود الشرائط، ولا وجود المقتضي؛ فلا يلزم ثبوت الحكم.
  وقد اختلف في المعترض إذا قال: ليس هذا(٣) مأخذي، هل يصدق أو لا؟ فقيل: لا يصدق إلا ببيان مأخذ آخر؛ إذ ربما كان مأخذه ذلك، لكنه يعاند. والمختار: أنه يُصدّق؛ لأنه أعرف بمذهبه ومذهب إمامه؛ ولأنه ربما لا يُعرَف فيدعي احتمال أن لإمامه مأخذاً آخر.
  واعلم أن أكثر القول بالموجب من هذا القبيل، وهو ما يقع لاشتباه المأخذ؛ لخفاء مأخذ الأحكام، وقلّما يقع الأول، وهو اشتباه محل الخلاف؛ لشهرته، ولتقدم التحرير في الأغلب.
  الثالث: أن يسكت عن صغرى غير مشهورة(٤)، مثاله في الوضوء: ما ثبت قربة فشرطه النية كالصلاة، ويسكت عن الصغرى، فلا يقول: الوضوء ثبت
(١) أي: ما يتوهم المستدل أنه المأخذ للحكم، وهو كون التفاوت مانعاً.
(٢) أي: وسيلة القتل وهي آله القتل.
(٣) أي: التفاوت في الوسيلة مثلاً.
(٤) أي: يسكت عن المقدمة الصغرى من مقدمتي القياس، وهي الأولى مع كونها غير مشهورة. منهاج.